سوف تغير انتخابات 2019 الخارطة السياسية التونسية الحالية القائمة على تحالف الحزبين الأغلبيين بإعطائها تمثيلية أوسع للأحزاب والجبهات المتحالفة مؤخرا لكسب مواقع السلطة المقبلة، مما سوف يصنع مزيجا غير متجانس في البرلمان الذي بدوره سوف يعجز عن افراز حكومة من طرفين. وتعود الأسباب إلى حالة التشرذم التي يعيشها نداء تونس لغياب الرجل الحكيم عن صفوفه وبروز أكثر من كتلة بين نوابه. ثم إن انحباس توسع مناصري حركة النهضة لفشلها الذريع في إدارة الأزمة، خاصة تدني مردود وزرائها وغياب طرحها حلولا عملية أمام أزمة العجز التجاري وتقهقر الدينار وارتفاع الأسعار بحكم أنها الراعي الأول والمساند الأساسي لرئيس الحكومة الحالي، علاوة على ذلك فإن انحصار دور الاسلام السياسي في العالم حيث لم يعد يطرح كبديل حكم نتيجة تورطه في دعم الارهاب: النموذج التركي، عدم اقناع تجربة الشعب المصري ثم خسارته لموقعه كمتصدر للحراك في ليبيا يعزز فرضية انحصار الأدوار التي سوف تلعبها الأحزاب ذات المرجعية الدينية في الخارطة السياسية المقبلة. على المستوى الوطني نجد في المقابل تشكيلات جديدة على الساحة السياسية تختلف من حيث المرجعية الفكرية وتتقارب في البرامج، مما سوف يميز الانتخابات القادمة بطفو بعض الأسماء التي تحملت مسؤوليات سياسية بعد الثورة على غرار رئيس الحكومة الأسبق مهدي جمعة ويوسف الشاهد المعرب عن نيته الترشح لانتخابات 2019 استئناسا بتجربة الرئيس الحالي إضافة الى الوزير المعزول ووزارته عبيد البريكي الذي يرتئي أن المعارضة يمكن أن تكون من داخل السلطة. أما الأحزاب اللاعبة دور المعارضة فسوف تجد نفسها تعيد نفس التجربة السابقة بتمثيلية ضعيفة أولا لعدم طرحها حلولا جذرية وواقعية تنافس بها من أجل الاقناع ونذكر الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي. إذا فكل التوقعات تشير إلى صعود فسيفساء حقيقية في المشهد المقبل تكشف عن الأحجام الحقيقية للأحزاب. فالعزوف عن المشاركة في الحياة السياسية لا يزال متواصلا لانعدام الأمل في التغيير. وهذا ما أكدته الانتخابات البلدية. فالمقاطعة التي تبناها جزء من المجتمع المدني وجزء آخر طرح نفسه كبديل مستقل قد تعزز هذه الفكرة في المحطة القادمة. وكل هذا سوف يفسر تعدد اليافطات السياسية دون أمل في الحصول على أغلبية مريحة تحقق الاستقرار مع اعتبار أن القانون الانتخابي يفتح المجال للتعدد وامكانية الحصول عن تمثيلية بالبواقي.