تعيش الدول المغاربية في الفترة الأخيرة على وقع ديناميكية جديدة هبّت معها رياح تدعو إلى التفاؤل بقرب حلحلة الأمور على مستوى قيادات الاتحاد بما يسمح بعودة اللقاءات الوزارية ولمَ لا القمم المغاربية التي كانت تعقد بشكل منتظم. رياح التفاؤل هذه هبّت بداية مع دعوة العاهل المغربي صراحة الجزائر إلى الجلوس إلى طاولة الحوار وفتح كل الملفات بما يسهم في تجاوز كل العقبات والمشاكل القائمة والتي تعيق مسيرة التعاون بين الدولتين وعلى المستوى المغاربي... هذه الدعوة لقيت قبولا حسنا لدى الجزائر التي تفاعلت معها بشكل إيجابي. ودعت إلى اجتماع مغاربي للنظر في حاضر البيت المغاربي ومستقبله بما سيسهم في تنقية العلاقات الثنائية والجماعية من كل الشوائب ويعيد الى القطار المغاربي الزخم الذي انطلق به منذ تأسيس الاتحاد في 17 فيفري 1989 بمدينة مراكش المغربية. وبالدعوة المغربية وبالتجاوب الجزائري تصبح الطريق سالكة للقاء الأشقاء بعد أن تم تعليق الاجتماعات على مستوى القمة المغاربية على خلفية الصراع بين الطرفين.. ويصبح التفاؤل بقرب موعد طيّ ملف الصراعات التي تعرقل العمل المغاربي المشترك أمرا ممكنا خاصة في ظل التحديات الكثيرة التي تعيشها المنطقة وفي ضوء الخسائر الكبيرة التي تتكبدها الدول المغاربية متفرقة نتيجة غياب العمل المغاربي المشترك ونتيجة تعطيل كل الآليات والمؤسسات المغاربية. ولقد أكد الخبراء قبل سنوات عديدة أن فاتورة اللامغرب (غياب العمل المغاربي المشترك) تكلّف كل دولة مغاربية خسارة 1 ٪ من نسبة النمو التي تحققها.. كما أن التكامل المغاربي وفق رؤية استراتيجية شاملة تضع إمكانيات واحتياجات الدول المغاربية في الميزان علاوة على ما تتيحه سوق مغاربية مفتوحة تنساب فيها الرساميل وتتدفق فيها البضائع ويتحرك فيها الأفراد بحرية كلها تعدّ فرصا جبّارة لإحداث ثورة في ديناميكية التنمية بالدول المغاربية كلها.. وهذه الحقائق وغيرها لا تغيب عن قادة ومسؤولي دول الاتحاد المغاربي الذين تقع على عاتقهم مسؤولية صيانة أمانة ناضل من أجلها وتحت لوائها أباؤنا وأجدادنا ممثّلة في حلم المغرب العربي الواحد.. علاوة على مسؤولية تعبيد الطريق لتحسين أوضاع الشعوب المغاربية حاضرا ومستقبلا.. هذه الأمانة وهذه المسؤولية تستحقان من كل قادة الدول المغاربية أن يتحلوا بروح إيجابية وأن يتركوا الخلافات وعوامل الفرقة والتشرذم جانبا وأن يتحركوا في اتجاه التعجيل بإعادة الروح إلى الجسد المغاربي وبإعادة الدفء إلى البيت المغاربي. إن الإصغاء إلى صوت العقل والمصلحة المشتركة يدعو الجميع إلى التقاط اللحظة التاريخية التي أتاحها المقترح المغربي والتجاوب الجزائري والتحرك نحو إحداث الاختراق المطلوب الذي يعيد القطار المغاربي إلى سكّة العمل والفعل ويصحّح وضعا أعرج جمّد الاتحاد وعطّل كل مؤسساته عكس رغبة وحاجة كل الشعوب المغاربية.