تنطلق اليوم في العاصمة الارجنتينية بوينس آيرس قمة العشرين في مناخ مليء بالانقسامات الدولية حيث أنه ومنذ تأسيسها في 1999، لم تشهد مجموعة العشرين انقسامات حادة بين أعضائها كتلك التي تشهدها اليوم، خاصة بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة. بروكسي ل(وكالات) ويصل الرئيس الأمريكي دونالد ترومب الأرجنتين حاملا معه شعاره الشهير "أمريكا أولا" حيث سيسعى خلال هذه القمة الى تسليط الضغط على نظيريه الصيني والروسي، خاصة فيما يتعلق بالتجارة وقضية أوكرانيا. وألغى ترومب لقاءه مع فلاديمير بوتين على خلفية التوتر الأخير بين موسكو وكييف. وكان الرئيس الأمريكي قد قال "إنه ينتظر تقييما من مستشاريه للأمن القومي حول الوضع الأوكراني، ستكون النتائج التي يتوصلون إليها "حاسمة"، وصرح ترومب "قد لا أعقد هذا اللقاء مع بوتين"، لكن الكرملين أعلن أول أمس أن تحضيرات اللقاء لا تزال جارية. في المقابل يعول الرئيس الأمريكي على التوصل لاتفاق تجارة "عادل" مع بكين. بدوره يطمح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتحقيق تقدم كبير خاصة في مشروع إصلاح منظمة التجارة العالمية وأيضا المحافظة قدر الإمكان على اتفاق باريس للمناخ. ويصل ماكرون إلى الأرجنتين بعد أيام ساخنة شهدت فيها شوارع العاصمة الفرنسية باريس احتجاجات اجتماعية ومواجهات حادة بين متظاهري حركة "السترات الصفر" والشرطة الفرنسية. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد حذّر في حديث لصحيفة "لا ناثيون" الأرجنتينية امس من أن قمة مجموعة العشرين التي تعقد في بوينس آيرس تواجه "خطر لقاء مغلق صيني أمريكي وحرب تجارية مدمرة للجميع". وقال ماكرون إن "الخطر الذي نواجهه" بشأن المناخ والتجارة "هو تعطيل اللقاءات التعددية مثل مجموعة العشرين". وفي زيارة هي الأولى لرئيس وزراء بريطاني إلى الأرجنتين منذ حرب الفوكلاند عام 1982 وهو صراع مازالت آثاره تخيم على أجواء العلاقات الثنائية بين البلدين سينصب تفكير تيريزا ماي على الأوضاع الداخلية قبل عشرة أيام من تصويت حاسم للبرلمان على اتفاق "بريكسيت" خاصة مع تزايد رفض النواب المحافظين للمصادقة على الاتفاق. كما تعول لندن لمرحلة ما بعد البريكسيت، على إبرام اتفاق تجارة حرة مع حليفها الأمريكي. أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيدخل قمة العشرين بأريحية أكبر من تيريزا ماي، إذ يشهد اقتصاد بلاده استقرارا بفضل انخفاض التضخم وتقلص العجز التجاري. وسيكون للرئيس الروسي ثقل كبير في القمة بسبب تواجد بلاده في محور الملفات الدولية الساخنة كالحرب في سوريا والأزمة الأوكرانية والعقوبات الغربية والتوترات الأمريكية الروسية. من جهتها ستظهر المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في موقف أضعف من ذي قبل على الساحة الدولية ،بعد إعلانها اعتزال السياسة وعدم ترشحها مستقبلا لمنصب المستشارية في ألمانيا. وتبدو مؤشرات الاقتصاد الألماني إيجابية بنمو متوقع بنسية 1.8 في 2018 والعام القادم. كما أن البطالة حققت مستويات تاريخية بنسبة بلغت خمسة في المئة. وذلك بفضل ارتفاع الصادرات الألمانية. ولهذا السبب ستواصل ميركل في قمة العشرين الدفاع عن مبدإ التجارة الحرة في وجه اي إجراءات حمائية جديدة. أما الارجنتين البلد المستضيف فقد صرح وزير خارجيته خورخي فوري بأن المشاركين سيحرصون في البيان الختامي على الدعوة إلى رؤية "منطقية وإيجابية" للتجارة.لكن الوضع يبدو بعيدا عن الوحدة المعلنة التي اختتمت بها قمة مجموعة العشرين الأولى في واشنطن في 15 نوفمبر 2008. وأشاد البيان الختامي ب "التعددية" لتأمين "الرخاء" لعالم كانت تهزه أزمة مالية. وبعد عشر سنوات، تواجه التعددية صعوبات بسبب شعار "أمريكا أولا" الذي رفعه دونالد ترومب وانتخاب قادة شعبويين في إيطاليا والبرازيل وغيرهما، وكذلك "بريكست" والصراعات الدولية.