تَحوّل رئيس النادي البنزرتي عبد السلام السعيداني إلى ظاهرة كروية خَطيرة في الوقت نفسه. ذلك أن هذا المسؤول المُشتعل حَماسا وطُموحا قاد الجمعية إلى تَصدّر سباق البطولة المَحلية رغم أن أبواب التَمويل و15 أكتوبر مُوصدة بأقفال حَديدية. لكن هذه المَسيرة الوَردية رَافقتها للأسف الشَديد تَصريحات نارية وتَصرّفات استفزازية أربكت السّاحة الرياضية وأثارت غضب النَاس من الشَمال إلى الجُنوب. ولن نُبالغ في شيء إذا قُلنا إنّ السعيداني انضمّ إلى قائمة المسؤولين الذين يُهدّدون أمن البطولة المُنفلتة بطبعها. ولا تَكمن خُطورة عبد السلام في حَقيبة المُسدّسات التي ضُبطت بحوزته خاصّة بعد أن ثَبت بأنّها مُجرّد ألعاب نارية صَالحة لتسلية الأطفال ولا صِلة لها ب»التَهريب» الذي دَمّر البلاد بالتَحالف مع الإرهاب. وإنّما يملك عبد السّلام سِلاحا آخر فَتّاكا ومُهلكا وهو اللّسان الذي قد يَتسبّب لصاحبه في كَوارث حقيقية ما لم يَحفظه ويَحترس من كل حرف قد يَفلت منه في لحظات الهَيجان والانتشاء وَهي كثيرة في يَوميات السعيداني الذي طَالت حُروبه الكلامية و»عَنترياته» الفَارغة الجَمعيات الرياضية والسّلطات الجِهوية والشّركات البترولية وحتى المَنظومة التَحكيمية وبعض الوجوه الاعلامية (ولو أن فئة منها تَستحق الفَضح والتَشهير لأنها مُتورّطة ومُسيئة للسّلطة الرّابعة). السّعيداني أشعل النَار في «باب الجديد» بعد أن قرأ الغَيب وأكد أن قُواه الخَارقة أعلمته بأن الكأس ستكون من نَصيب الافريقي وقد حَدثت منامة «سي» عبد السّلام وسط غضب عَارم في صفوف «العَرّافين» و»الدّجالين» وكَبيرهم محسن العيفة بما أن المُنافس الجَديد سَيُضيّق عليهم باب الرّزق عبر كَراماته ومُعجزاته الخُرافية. الأمر لم يَتوقّف عند استفزاز الأفارقة بل أنّ الرّجل صَنع العَداوات والخُصومات مع عدّة جمعيات أخرى مثل الترجي والنّجم و»البَقلاوة» و»السي .آس .آس» الذي وصف السعيداني القائمين على حُظوظه ب»البَكَّائِينْ» بعد أن ثَاروا على المَظالم التَحكيمية. الأتعس من ذلك أن «سي» عبد السلام يُناشد سَيّده ومَثله الأعلى وديع الجريء صباحا مساءً ويَعتبر أن مُبايعة رئيس الجامعة في العَلن فيها الكثير من «الشَّجاعة والرجولة» ومن كان لا يُعجبه هذا الأمر فما عليه إلا أن يتّجه شمالا ليشرب من مياه البِحار الوَاسعة والسّاحرة في بنزرت. نَعم هكذا يتحدّث رئيس الجمعية التي أنجبت ألمع اللاعبين وأشهر المدربين والتي فتحت للأندية التونسية باب المجد القاري عام 1988. وبهذه اللّهجة الحادة يَحتلّ السعيداني الفضاءات الرياضية والإعلامية ليستفزّ النَاس وينعم بالأضواء وهي حَارقة وجَالبة للمتاعب ما لم تكن بقدر معلوم وبلسان مُتّزن وخطاب يَتماشى والمَنصب الرَفيع الذي مَرّت منه أسماء كبيرة ولها مكانة خاصّة في القلوب مِثل البكوش وبلحاج و»سي» أحمد القروي ألف نُور ورحمة على روحه. وَالحَقيقة أن الانفلات الكبير في سُلوك السعيداني هو من افرازات «الكرة المُربّعة» للجريء الذي أهدانا مسؤولين خَارج نِطاق السَّيطرة وسَاهموا بتصريحاتهم النَارية وتَصرّفاتهم الاستفزازية في إشعال الأجواء ونَستحضر منهم على سَبيل الذّكر لا الحَصر المنصف خماخم ورياض بالنور وحسين جنيح وأيمن شندول...وغيرهم كثير. وإذا كان وديع بالدفِّ ضَاربا فَشِيمة مُناشديه وحتى مُعارضيه الرّقص على إيقاع «الطّبلة والزّكرة» كما فَعل العربي سناقرية لحظة تَقديم ترشحه لرئاسة الجامعة التونسية لكرة القدم. ولا يَسعنا إلا أن نَضحك حدّ البُكاء على كرة ديوة وطارق والعقربي والشايبي والشتالي وبن دولات.