تشير آخر الإحصائيات إلى أن العالم يعد اليوم نحو 21 مليون مدمن على أقراص «إكستازي» المخدرة التي تحولت إلى منافس شرس للكوكايين بفصل أسعارها الزهيدة التي لا تتعدى 1٫5 يورو في المنطقة الأوروبية وقد كشفت الديوانة أول أمس أن أعوانها تمكنوا من ضبط أكثر من 40 ألف قرص من هذا المخدر كانت موجهة للترويج بين الأوساط التلميذية والمراهقين. تعطي إحساسا بحيوية قصوى... وتدمر خلايا الدماغ تونس الشروق: «إكستازي» المستخلصة من عناصر كيميائية أهمها ال«ميتيلان» تتفرد على خارطة المخدرات بكونها المخدر الوحيد الذي يعطي مفعولين في ذات الوقت.. حيث تتموقع ضمن عائلة المنشطات مثل الكوكايين. كما تصنف كأقراص الهلوسة على غرار «سوبيتاكس» Subitex التي قد توصل متعاطيها إلى ارتكاب أبشع الجرائم دون وعي منه. وأغرب ما في «إكستازي» شكلها وألوانها الشبيهة بالحلوى.. حيث تتراوح بين الشفاف والأحمر مرورا بالأصفر والأزرق والبنفسجي.. فيما تشخص أشكالها ابتسامة الوجه أو المثلث الذي يرمز إلى الحب. كما تمنح «إكستازي» نشوة بلا حدود لمتعاطيها الذي يشعر بطاقة قصوى إلى جانب طلاقة اللسان والتواصل دون «خجل» مع المحيط. وهو ما جعل روادها مرتبطين أساسا بحفلات الرقص والملاهي الليلية وحبك العلاقات العاطفية تحت رومنسية الشكل والمفعول الحيني السحري يتخفى لفيف من الأضرار الصحية الفادحة التي قد تصل إلى توقف القلب والوفاة ساعة الاستهلاك. وهو ما يجعل الكثيرين يصفونها ب«اللعبة القاتلة». حيث تتسبب في تدمير الأجهزة الحيوية وفي مقدمتها الخلايا الدماغية. نوبات صرع الدكتورة وصال الشريف المساعدة الاستشفائية المختصة في طب النفس لاحظت أن أقراص «إكستايزي» تطرح مخاطر صحية جسيمة ساعة الاستهلاك وأخرى مزمنة مشيرة إلى أن مفعولها يغري المراهقين والشباب. حيث يسهل التواصل مع المحيط ويزيل الخجل. كما تجعل متعاطيها يتفاعل أكثر مع إيقاع الموسيقى ويحس بحيوية ويقظة فائقة. ومقابل ذلك تتسبب هذه الأقراص في مخاطر محدقة لحظة الاستهلاك. حيث يتسبب استعمالها في ارتفاع ضغط الدم ودرجة حرارة الجسم التي قد تتخطى 40 درجة إلى جانب تسارع دقات القلب وجفاف الجسم من الماء. وهو ما يتسبب في حوادث خطيرة منها احتمال الوفاة بفضل توقف دقات القلب ونوبات الصرع الحادة. وتابعت الدكتورة وصال الشريف أنه في تونس كما في العالم حصلت حوادث وفاة من أول استهلاك لأقراص «إكستايزي» مشيرة في المقابل إلى أن هذا المخدر يسبب أيضا في مخاطر مزمنة مثل الإصابة بأمراض نفسية على غرار «الهلوسة» والهذيان. كما يلحق أضرارا فادحة بالخلايا الدماغية ومن ثمة يسبب اضطرابات في الذاكرة تصل إلى حد العجز عن تذكر الخلافات الاعتيادية للتخاطب إلى جانب تساقط الأسنان واضطرابات أخرى حركية. حيث يصبح الجسم يتحرك بصعوبة فيما تتدهور القدرات الجنسية للرجل والمرأة على حد سواء. كما لاحظت أن مناخ استهلاك أقراص «إكستايزي» ولا سيما تناولها بالتوازي مع حبوب الفياغرا يثير مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا. فيما بدأ المنحى التصاعدي لاستهلاك «إكستازي» على الصعيد العالمي منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي تؤكد معطيات رسمية في تونس أن مخاطر المخدرات عرفت منعرجين الأول عام 2011 من خلال تحول البلاد إلى مصب لكل أصناف المخدرات في غمرة الانفلات العام لتلك الحقبة فيما بدأ المنعرج الثاني من نحو ثلاث سنوات مع تسجيل منحى تراجع للأصناف التقليدية وأساسا القنب الهندي المعروف ب"الزطلة" مقابل منحى تصاعدي لاستهلاك الأقراص وفي مقدمها «إكستايزي» مع تراجع أسعارها من 70 دينارا للقرص الواحد عام 2012 إلى 30 دينارا حاليا على مستوى التفعيل و10 دنانير بالجملة. وهو ما جعل هذا الصنف من الأقراص منافسا شرسا لكل من تجارة الكحول والكوكايين الذي يصل سعره إلى 250 د للغرام الواحد. هولاندا أول منتج كما تؤكد ذات المعطيات أن أقراص «إكستايزي» تمثل خطرا محدقا على الشباب والمراهقين أساسا لأن تونس تتموقع جغرافيا تحت أهم بؤرة لتصنيع هذا الصنف من الأقراص وهي وسط أوروبا وجنوبها وأساسا هولاندا التي تحتكر لوحدها 42 ٪ من صناعة الاكستايزي تليها بلجيكا. وهو ما يطرح مخاطر تدفق هذه الأقراص على تونس خصوصا عبر البوابات البحرية والجوية في خضم الانفلات المكثف للسياح وأفراد الجالية بين تونس وأوروبا. وتمكنت خلية مكافحة المخدرات بجهاز الأبحاث الديوانية هذا العام من إحباط محاولة إدخال أكثر من 45 ألف حبة «إكستازي» عبر كل من مطار تونسقرطاج وميناء حلق الوادي الشمالي منها أكثر من 10 آلاف منذ نحو أسبوعين في حلق الوادي خبأها مواطن تونسي مقيم في الخارج داخل آلة غسيل؟ كما تمكنت وحدات الحرس الديواني ومكاتب الديوانة الحدودية من حجز خمسة آلاف قرص في ذات الفترة. وإلى جانب خلية مكافحة المخدرات صلب جهاز الأبحاث التي أحدثت منذ نحو عامين لدعم القدرات الميدانية في هذا المجال تعتمد الديوانة أيضا على فصيل الأنياب ولا سيما الكلاب من فصيلة سبينغر SPINGER الانقليزية التي تتميز بنجاعة فائقة في رصد المخدرات خاصة في المطارات. ومن جانبه تمكن جهاز «ستيب» الحرس الوطني العام الفارط من تفكيك شبكة خطيرة لترويج «إكستازي» تشتغل على ميناء حلق الوادي ورأسها في الساحل إلى جانب حجز كميات بقيمة تناهز المليار والنصف من المليمات. كما يظل جهاز «ستيب» الأمن الوطني الذي أحدث عام 1978 أكبر قوة في مواجهة المخدرات خاصة من خلال تفكيك شبكات الترويج التي تنشط أساسا في محيط الفضاءات السياحية والترفيهية والمؤسسات التربوية.