لا يختلف عاقلان في أن المربي هو المصباح الذي ينير طريق الجهل المعتمة بالأفكار البالية والرجعية. ويشحن العقول الصغيرة بالمعرفة والعلم لتتراكم يوما بعد يوم وتشع على محيطها وتضمن مستقبلا مشرقا. ومن هذا المنطلق أشعر بالاستياء والألم لارتفاع نسبة تعنيف المربي من قبل التلاميذ والأولياء عوض أن نقف له إجلالا واحتراما أليست الامم تتقدم بالمعارف والعلوم ؟ ألم يقل أحمد شوقي "العلم يرفع بيتا لاعماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف" . وأدين بشدة ارتفاع منسوب العنف ضد المربين الذي تزايد مع مقاطعة أغلب الأساتذة للامتحانات. وأتألم لما سجلناه من اعتداءات لفظية وجسدية بلغت حد الإقامة بالمستشفى لاطار تربوي يوم أمس. وأتألم أيضا لتسجيل عمليات إخراج مربين من قاعة الدرس في سابقة خطيرة ببلادنا لملء مكانهم . حالة الفوضى التي عمت بعض المؤسسات التربوية بسبب مقاطعة أساتذة للامتحانات ومقاطعة البعض الآخر للمقاطعة فيما البعض الآخر منح تلاميذه دروسا عادية أربكت المشهد التربوي وأضجرت الأولياء وتسببت في تسيب وانفلات في المحيط الخارجي للمؤسسات التربوية. حيث عمد بعض التلاميذ الى رمي الآخرين بمادة الفارينة والمؤكد أن باعة السموم المخدرة انتعشوا من تواجد التلاميذ في الشارع لمزيد استقطابهم لاستهلاكها. ماحدث خلال هذا الأسبوع هو قمة العبث بالتعليم في تونس . فماهو الفرق بربكم بين من استعمل الاسمنت لغلق الطرقات وإيقاف الانتاج وبين من استعمل التلاميذ والاولياء ليطالب بالحقوق؟ في تقديري الجامعة العامة للتعليم أرادت تلبية كل المطالب. وتجاهلت سياسة التفاوض المبنية على "خذ وطالب " ونسيت أن من يريد الكل يخسر الكل وأن الجراح التي تركتها في التعليم العمومي بتواتر المطلبية طيلة السنوات الاخيرة لن تأخذنا الا الى تعليم متدحرج بل على شفى حفرة من السقوط . الامتحانات حق "موش مزية" والنضال حق مع اختيار الطريقة المناسبة ، وكسر صورة المربي وضياع هيبته لا يعوض بالمال والمنح ولن يهرب منه المربي بالتقاعد المبكر.