تونس الشروق: مشاريع قوانين معروضة على اللجان وأخرى جاهزة للجلسة العامة ومشاريع و مقترحات قوانين تم الطعن فيها وأخرى تم سحبها أو الطعن فيها .. وفي انتظار البت في مآلها تتذمر الحكومة من تعطل الاصلاحات التي تنوي تنفيذها عبر هذه النصوص.. ما كشفه وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي حول تفكيره في الاستقالة من منصبه بعد اسقاط قانون التقاعد، وما يعبر عنه أحيانا رئيس الحكومة او بعض الوزراء أو بعض النواب أو رئيس الجمهورية من تململ واستياء بسبب عدم تمرير مقترحات النصوص القانونية التي يبادرون بها، يؤكد مدى المخاوف التي اصبحت مسيطرة على مسؤولي الدولة من عدم القدرة على تنفيذ الاصلاحات المنتظرة. تعطيل الاصلاحات عديدة هي مقترحات ومشاريع القوانين ذات الطابع الاصلاحي التي ما تزال معطلة بمجلس نواب الشعب تنتظر معالجتها من قبل مكتب المجلس أو إحالتها على اللجان أو على الجلسة العامة، إلى جانب النصوص الاخرى التي يقع إما سحبها من الجهة المبادرة او يقع الطعن فيها بعدم الدستورية، وكل ذلك إما بسبب ضيق الوقت وعدم قدرة المجلس على النظر فيها أو بسبب تعطيلات أخرى سياسية او فئوية. كما توجد مجالات أخرى تنتظر اصلاحا عاجلا على مستوى النص القانوني إما باصدار قوانين جديدة او بتنقيح النصوص القديمة التي تجاوزها الزمن، لكن الأطراف التي لها حق المبادرة التشريعية لم تلتفت لها إلى حد الان وذلك إما عمدا (لحسابات سياسية او فئوية او شخصية ضيقة) أو سهوا. وكل ذلك تسبب ولا يزال في تعطيل حقيقي للاصلاحات المنتظرة من التونسيين منذ 2011 إلى اليوم وذلك مع مختلف الحكومات المتعاقبة. وهو ما زاد من حدة ضعف منظومة الحكم وعجزها عن تمرير الاصلاحات الضرورية التي تعتبرها ضرورية وأكيدة من اجل انقاذ الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية. احتياطات يفسر المراقبون هذا التعطيل في تنفيذ بعض الاصلاحات بما اصبح يحيط بعملية سن النصوص القانونية من تعطيلات. فعديد النصوص القانونية التي يراد منها الاصلاح تستوجب تمريرها أولا على «الحوار» والنقاش مع الاطراف المعنية بها ( الاطراف الاجتماعية – المجتمع المدني – الاحزاب ) وهو ما يجعل النقاش حولها يمتد أحيانا الى سنوات دون التوصل الى اتفاقات بشانها فتتعطل الاصلاحات التي تكون قد برمجتها السلطة . كما يفسرون التعطيل ايضا بما اصبح للبرلمان من دور هام وكبير في معالجة مشاريع النصوص التي تتقدم بها الحكومة او رئاسة الجمهورية او النواب والتثبت فيها مليا سواء على مستوى اللجان او عند النقاش في الجلسة العامة قبل المصادقة عليها. وكل ذلك بسبب ما اصبح يتخذه المجلس من احتياطات كبرى بمناسبة كل قانون جديد او بمناسبة تنقيح النصوص القديمة، وذلك تفاديا لعدم تكرار ما كان يحصل قبل 2011 عندما تتقدم أحيانا الحكومة او رئيس الجمهورية بمقترحات قوانين «على المقاس» أو لخدمة المصالح الضيقة خاصة المصالح الاقتصادية أو السياسية لبعض المقربين من النظام وايضا تفاديا لما قد تتسبب فيه بعض النصوص من مشاكل في المستقبل الى جانب احتياطات تتعلق بالتدخل الاجنبي في بعض الخيارات الوطنية. حلول .. لكن هذا التعطيل على مستوى سن النصوص القانونية «الاصلاحية» يدفع بالحكومة احيانا إلى الاعتماد على اصلاحات مباشرة دون تنقيح النصوص القانونية وذلك إما اعتمادا على المناشير الادارية الداخلية او على بعض التعليمات الشفاهية في انتظار سنّ النصوص القانونية الرسمية، لكن ذلك قد يتسبب في معارضتها بشدة من المعارضة السياسية او من المجتمع المدني او في رفض تطبيقها . كما تحاول ايضا تمرير بعض الاصلاحات عبر قوانين المالية الاصلية او التكميلية أو عبر الميزانية لكن عادة ما تتفطن بعض الاطراف إلى اجراءات لا تخدم مصالحها فتعترض وتحتج على غرار ما حصل مع قانون المالية الاخير. وهو ما يدفع بالحكومة إلى التذمر في كل مرة من عدم تمرير الاصلاحات التي تبرمجها على غرار ما حصل مؤخرا مع قانون التقاعد، ليبقى بذلك ملف الاصلاحات مُعلقا بين ما تقوله الحكومة وما يعارض به المعارضون دون ان تتضح للراي العام الرؤية حول حقيقة هذه الاصلاحات. إرادة وسياسة اتصالية ورغم ان الحكومة تتهم السلطة التشريعية بتعطيل الاصلاحات إلا أن آخرين يتهمون الحكومة بعدم الاعتماد على سياسة اتصالية ناجعة مع كل خطوة اصلاحية تنوي تنفيذها لتوضيح الرؤى ولاقناع المواطن أو المعارضة السياسية او المجتمع المدني بها. كما يتهمونها ايضا بعدم التحلي بالجرأة والشجاعة والإرادة اللازمة لتنفيذ هذه الإصلاحات.