نظّم مفتتح هذا الشهر المعهد التونسي للدّراسات الإستراتيجية ندوة حول الطاقة في تونس خلصت الى ان مستقبل تونس يكمن في تطوير الطّاقات البديلة كالطّاقة الشّمسية و الطّاقة المائيّة والطّاقة الهوائيّة وكشفت الندوة ان العجز الطاقي لتونس وصل الى حدود 45 % و من المتوقّع أن يكون بنسبة 77 % في حدود سنة 2025 كما اشارت الى 97 % من استعمال الطّاقة في تونس استعمال غازي و 3 % فقط نسبة استعمال الطّاقات البديلة لأنّ الدّولة لم تولها اه تماما كبيرا. فاتورة كل تلك المعطيات كانت باهضة على ميزانية تونس حيث اشارت احصائيات المعهد الوطني للاحصاء العجز الطاقي في تونس الصادرة في 11 ديسمبر الفارط موضحة تفاقم عجز الميزان الطاقي الى موفى نوفمبر الفارط ليصل إلى 5،614 مليار دينار مقابل3،829 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2017 .. الغريب ان الحكومة شاعرة بتداعيات التعويل على الطاقة العادية من بترول وغاز على الاقتصاد وعلى التوازنات المالية للبلاد وهي التي تعاني من تبعات تراجعات عديدة مست كل المجالات وتجلت في كل المؤشرات اذ خلال منتدى تونسي ألماني انتظم قبل اسابيع قليلة اكد فيه ممثل الحكومة وهو المضطلع بمهام مدير عام إدارة الإستراتيجيات واليقظة بوزارة الصناعة بان بلادنا تورد 50 بالمائة من حاجياتها من الطاقة وهو ما جعل الميزان الطاقي يعرف خلال السنوات الأخيرة تراجعا وصل إلى حدود 4.8 مليون طن مكافئ نفط وهو ما يعني أن مؤشر الاستقلالية الطاقية لتونس حتى سنة 2017 بلغ 51 بالمائة. اذا كان الوضع على مثل هذه القتامة حاليا ومن المؤكد انها ستتضاعف اكثر بما يضع الحكومة أي حكومة امام خيارين الاول هو الزيادة في اسعار الطاقة الموظفة على المؤسسات ليس بنسبة 13 بالمائة كما هو الحال في قانون المالية لسنة 2019 والذي اثار امتعاض الصناعيين ومختلف الفاعلين الاقتصاديين بل بنسب اكثر مع ما يعنيه ذلك من اضعاف للقدرات التنافسية للمؤسسات امام ارتفاع كلفة منتجاتها فلن تستطيع ترويجها في تونس الا باسعار مضاعفة مرات ومرات عما هي عليه مع ما يعنيه ذلك من احتقان اجتماعي وارتفاع في نسبة التضخم وتدهور اقتصادي لا نهاية لنفقه هذا ان صمدت المؤسسات اصلا امام ذلك الارتفاع المتواتر في اسعار الطاقة... اما الخيار الثاني فهو التعويل على الطاقات البديلة وهي الطاقات المتجددة باعتبارها ضامنا لديمومة قطاع الطاقة في كل أصقاع العالم وهي وسيلة ناجعة وناجحة لجأت اليها كل الدول التي ترغب في تحقيق استقلال طاقي يقيها تقلبات سوق البترول والغاز في العالم بسبب الاهواء السياسية التي كثيرا ما تفجر حروبا ونزاعات ترفع في الاسعار وتقيها ايضا «تكتيكات» الدول المصدرة للطاقة في تعاملها مع الاسعار ترفيعا وتخفيضا حسب المصالح والاملاءات مع ما يكلفه ذلك من انخرامات في الموازنات كما يحدث لتونس التي تلتجئ كل سنة الى قانون مالية تكميلي لترقيع ما يحدث من ثقوب في حساباتها. وما يدفع الى الاستغراب من تاجيل تونس سعيها الضروري الى الاعتماد على الطاقات المتجددة ان بلادنا حباها الله بطقس ملائم لانتاج الطاقة من الشمس او من الرياح هذا ان سلمنا بندرة المياه لدينا وليس بعجزنا على حسن التصرف في ما يتهاطل على بلادنا من كميات كثيرا ما اغرقت مدنا وقرى. في مقابل ما نملكه من ثروات طبيعية نعاني من فقر مدقع في الافكار تجلى في ما له علاقة بالطاقات المتجددة رغم قرار الحكومة المقدم في مشروع قانون المالية لسنة 2019 في الفصل 23 والذي ينص على التخفيض في المعاليم الديوانية المستوجبة عند توريد اللاقطات الشمسية من 30% الى15 % والتخفيض في الأداء على القيمة المضافة من 19% وتعميمها الى 7% اذ ان كل تلك الاجراءات ضعيفة امام ما تعانيه مؤسساتنا من مصاعب اذ كان الاجدر حذف الاداء على القيمة المضافة لان الطاقة الفولطاضوئية هي البديل لسدّ العجز المتفاقم في الميزان الطاقي لان تلك النسب تبقى مرتفعة وهو ما سيؤدي الى عزوف الصناعيين على الاستثمار في هذا القطاع اذا لم تتوفر الحوافز اللازمة لتركيز المنظومة الفولطوضوئية اضافة الى دفع البنوك لمزيد تمويل مشاريع الطاقة الشمسية واعطاء فعالية اكبر الى صندوق «الانتقال الطاقي» الذي يبلغ رأس ماله حاليا 400 مليون دينار حتى يمكن الصناعيين من التمتع بمنح اكبر من تلك المرصودة لهم خاصة ان العائدات ستكون اكبر اذا ما تم تفعيل كل تلك الاجراءات بسرعة لانه يكفي التذكير ان 1000 ميغاوط من الطاقة الفوطوضوئية ستمكن من عدم استغلال 450 مليون دينار سنويا.