استغل رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي فرصة حلول السنة الإدارية الجديدة ليجدد الدعوة إلى إتمام المحكمة الدستورية وهيئة الانتخابات ما يجعلهما منطقيا على رأس أولويات 2019 فما هي أهميتهما وما سبب تعثر إتمامهما؟. تونس «الشروق»: إن «إتمام المحكمة الدستورية قضية أساسية وكان من المفروض إتمامها قبل 4 سنوات لذلك وجب إنهاؤها قبل المدة النيابية الحالية». هذا ما قاله رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي خلال الكلمة التي توجه بها للشعب التونسي ليلة الاثنين بمناسبة السنة الإدارية الجديدة 2019 قبل أن يتعرض إلى موضوع آخر لا يقل أهمية عن الأول يتمثل في إتمام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. الملفان معطلان منذ سنوات وليس هناك مجال لمزيد التراخي في غلقهما لأن السنة الجارية هي مبدئيا سنة الانتخابات التشريعية والرئاسية ولا يمكن أن نأمل في انتخابات نزيهة وشفافة ومرضية لجميع الأطراف ما لم يكن هناك هيئة معنية بحسن إدارة تلك الانتخابات وما لم يكن هناك محكمة دستورية تنظر في الطعون وتقرر مدى الالتزام بأحكام الدستور. سنة 2019 هي سنة الانتخابات هكذا تم وصفها منذ سنوات وهي السنة الفارقة التي يتم من خلالها تقييم الدورتين التشريعية والرئاسية الحاليتين والتأسيس لتجربتين جديدتين أكثر نضجا وأقل أخطاء ما يعني أن المسار الديمقراطي كله أصبح على المحك بسبب الملفين المستعصين فما سبب تعطلهما؟. حسابات سياسية صادق مجلس نواب الشعب يوم 06 ديسمبر الماضي على ميزانية الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات لسنة 2019، وأكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المستقيل، محمد التليلي المنصري، في اليوم الموالي أن الهيئة جاهزة بنسبة 100% لإجراء الانتخابات المقبلة، وأضاف في مداخلة له على «شمس آف آم» أن «الجانب التشريعي الذي يخص انتخابات 2019 جاهز وكذلك الجانب البشري». لكن هناك مأزق حقيقي: فالهيئة غير مكتملة العضوية بل تحتاج إلى رئيس ينتخبه البرلمان ليحل محل الرئيس المستقيل محمد التليلي المنصري كما تحتاج إلى انتخاب ثلث الأعضاء في إطار التجديد الدوري. انتخاب كل عضو في هذا الثلث يحتاج إلى أغلبية الثلثين أي إلى ما لا يقل عن 145 صوتا وهذا صعب في مجلس مشتت يقاس فيه كل أمر بمدى المنفعة الحزبية وقد ظهرت خلافات حادة بين الكتل البرلمانية حول كل مرشح للعضوية أو للرئاسة. والأدهى أن هناك خلافا جادا حول الأولوية فكتلة النهضة تصر على انتخاب رئيس الهيئة قبل انتخاب الأعضاء، فيما تلح كتل أخرى (مثل النداء والحرة والكتلة الديمقراطية) على انتخاب الأعضاء قبل الرئيس دون أن يقدم أي طرف استعدادا للتنازل. لا يبدو ملف المحكمة الدستورية أفضل حالا من هيئة الانتخابات، فالمحكمة تحتاج إلى 12 عضوا ينتخب البرلمان أربعة منهم ويعين رئيس الجمهورية أربعة آخرين فيما يختار المجلس الأعلى للقضاء الأربعة الباقين. ورغم أن الدستور نص على ضرورة تركيز المحكمة الدستورية في غضون سنة من الانتخابات التشريعية والرئاسية الأولى فإن الطرف المطالب بتقديم الثلث الأول وهو البرلمان لم ينجح إلا في انتخاب عضو وحيد وهو القاضية روضة المصريني ممثلة عن القضاء العدلي. المشكلة تكمن مرة في الحسابات السياسية ذلك أن الكتل البرلمانية لم تلتق على التوافق حول الثلاثة الآخرين وحتى ندقق المشكلة أكثر نشير إلى أن كتلة واحدة قادرة على إسقاط توافق بقية النواب بما أن انتخاب عضو جديد يحتاج إلى 145 صوتا من جملة 217 صوتا. الحلول في الملفين تبدو صعبة لكن لا حيلة لنواب البرلمان إلا تبادل التنازلات قصد الوصول إلى توافقات تغلق الملفين في أسرع وقت ممكن. علينا ألا ننسى أن وفد الكونغرس الأمريكي الذي زارنا قبل أسابيع كان اشترط لمواصلة تقديم الدعم «ضرورة تعزيز مقومات الديمقراطية وخاصة منها الإسراع بتعيين أعضاء المحكمة الدستورية، وترميم هيئة الانتخابات، وعدم المساس بالمواعيد الانتخابية الرئاسية والتشريعية القادمة...». قالوا عن التعطيل «لا بد من توفير المناخ الملائم لإجراء الانتخابات في ظروف جيدة (لكن هناك أمور كثيرة لم نكملها مثل انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية وانتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتجديد انتخاب أعضاء الهيئة المتبقين... يجب انتخاب هؤلاء قبل الانتخابات». (رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، من الكلمة التي توجه بها الى الشعب التونسي ليلة الاثنين بمناسبة حلول السنة الإدارية الجديدة). «بعض الأطراف تسعى إلى عرقلة النقاشات حول انتخاب رئيس للهيئة ربّما من أجل تعطيل الانتخابات لأنّها غير جاهزة لها». (النائب عن كتلة النهضة أسامة الصغير من تصريح إعلامي قدمه قبل أيام). »رغم كل التنازلات (التي قدمتها كتلة الائتلاف الوطني)، يبقى الإشكال قائما بين حركة النهضة والجبهة الشعبية ونداء تونس وهذا ما يحول دون إرساء المحكمة الدستورية». (النائب عن كتلة الائتلاف الوطني وليد جلاد من تصريح لجريدة الخبير نرته يوم 20 ديسمبر الماضي). الفصل 118 من الدستور «المحكمة الدستورية، هيئة قضائية مستقلة، تتكون من اثني عشر عضواً من ذوي الكفاءة، ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون، الذين لا تقل خبرتهم عن عشرين سنة. ويعيّن كل من رئيس الجمهورية، ومجلس نواب الشعب، والمجلس الأعلى للقضاء، أربعة أعضاء، على أن يكون ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون. ويكون التعيين لفترة واحدة مدّتها تسع سنوات»...