من المنتظر أن يعود أهم الفاعلين في المجالين السياسي والاجتماعي خلال الأيام القليلة القادمة إلى قصر قرطاج ليجتمعوا تلبية لدعوة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. ولا شك أن هذا الاجتماع الذي يلتئم للمرة الثانية في ظرف زمني قصير يؤكد مجددا نجاح رئيس الدولة في التمكّن من ملامسة أهم المشاكل التي تعيق التطور الطبيعي للحياة السياسية والاجتماعية.. وهذا في حدّ ذاته مكسب هام لبلادنا التي ظلت تبحث عن أطر تجمع الأحزاب والمنظمات كلما طرأ إشكال وتعقدت مسألة معينة. كما ان هذا الاجتماع الذي يأتي في مستهل سنة جديدة يمثل في حدّ ذاته رسالة أمل وتفاؤل بالنسبة إلى ما ينتظره التونسيون في هذا العام خاصة وان تقلبات السنة الماضية أرّقتهم وأرهقتهم وقلصت لديهم منسوب التفاؤل وانخراط رئيس الجمهورية الفاعل في محاولة لايجاد حلّ لحالة الاستعصاء التي تشهدها العلاقة بين الحكومة واتحاد الشغل يمثل بكل المقاييس رسالة يتعين على الجميع التقاطها ومفادها أن رئيس الجمهورية لا يمكن إلا أن ينحاز إلى المصلحة الوطنية دون سواها وهو ما يمثل ردّ اعتبار معنوي لهذه المؤسسة وفتحا لأفق صفحة جديدة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. ولعلّه من المهم والمفيد في الآن نفسه أن يتكرس هذا الأمر ليتحول إلى قاعدة اشتغال بين مؤسستي رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية خاصة وأن استحقاقات متعددة تنتظر هذه السنة ومن أهمها بلا شك الانتخابات الرئاسية والتشريعية علاوة على احتضان تونس القمة العربية.. وهو ما يفرض توفر أكبر قدر من الانسجام بين مؤسسات الدولة. ولا شك ان مثل هذه الاعتبارات تحضر لدى كل المتابعين للشأن السياسي ولكن ما يهم الجميع بالدرجة الأولى هو قدرة المجتمعين على تغليب منطق العقل والحكمة وإيجاد حل للوضع الذي أدى إلى إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل الدخول في إضراب عام يوم 17 جانفي الجاري بما يحمله ذلك من انعكاسات اقتصادية وسياسية. وكم يكون مفيدا أن تنبثق عن الاجتماع المنتظر بداية رؤية لاصلاح من شأنه أن يكرس حالة تهدئة حقيقية وينهي حالة الاحتقان وتبادل التهديد والتصعيد التي لن يخرج أحد منها مستفيدا.