لا شك ان استقبال سنة جديدة يمثل بالاساس مناسبة تتجاوز تبادل الامنيات على اهميتها في حياة الناس الى القيام بعملية تقييم للسنة التي دخلت طي التاريخ ومحاولة توقع ما ستحمله السنة الجديدة في طياتها . من هذا المنطلق ارجو ان تحمل السنة الجديدة للشعب التونسي كل ما هو اهل له من تطور في مختلف مناحي حياته . واذا كانت المؤشرات الحالية لا تدعو للتفاؤل في ما يتعلق بقطع خطوات ملموسة على درب تحقيق هذا التطور فان ارادة النضال التي تسكننا تجعلنا نعوض تشاؤم العقل بتفاؤل الارادة . ونحن نستمد داخل حركة «نداء تونس» هذه الارادة من الارث النضالي لقادة مواجهة الاستعمار الفرنسي وفي طليعتهم الزعيم الحبيب بورقيبة الذين تغلبوا على موازين قوى لم تكن من الناحية الموضوعية في صالحهم ومن مؤسس حركة «نداء تونس» الرئيس الباجي قائد السبسي الذي لعب دورا حاسما في حشد اوسع فئات الشعب لتصحيح مسار تورة الياسمين ولقطع خطوات لافتة على درب الانتقال الديمقراطي . وحين نتوقف عند دور الزعماء والقادة فاننا نتوقف بالدرجة الاولى عند ما يسكن الشعب التونسي من تمسك بالثوابت الوطنية ومن حرص على الوسطية والابتعاد عن كل تنطع او تطرف . وحين ننظر للمستجدات على المستوى الوطني من هذه الزاوية لا يمكن الا ان نتفاءل وان ندعو الجميع للعمل من اجل ان تكون سنة 2019 سنة القطع مع السنة التي سبقتها في عديد المستويات وخاصة في المستويين الاقتصادي والسياسي اللذين شهدا تدهورا لافتا ومقلقا . واعتقد في هذا الصدد ان لرئيس الحكومة يوسف الشاهد مسؤولية كبرى وان امامه فرصة اخيرة ارجو ان لا يضيعها كما اضاع سابقاتها . ففي مستوى المسؤولية السياسية فان يوسف الشاهد مطالب بان يحقق نتائج ملموسة تطالها اليد ويقف التونسيون على تاثيرها في حياتهم اليومية لان توجيه الاعلام وتزويق الارقام والاحصائيات ليس مفيدا ولم يكن يوما مفيدا ولا يمثل الا اداة يستعملها بعض المحيطين بصاحب القرار لدفعه نحو طريق لا يمكن في النهاية الا ان يعود بالضرر عليه والانغماس في الممارسة الاتصالية دون مضمون سياسي حقيقي لا يؤدي في النهاية الا للفشل السياسي وهو ما لا نريدة لشاب وجد كل الاحاطة والدعم والتشجيع من رئيس الجمهورية ولكن نقص التجربة دفعه الى ان يختار طريق القطيعة دون ان يكون قادرا على تحمل تبعاتها ودون ان يدرك خاصة تداعياتها السلبية على الوضع العام. ومن المفيد التوقف هنا عند تحرك رئيس الجمهورية مؤخرا وجمعه في قصر الجمهورية بقرطاج لاهم الفاعلين السياسيين والاجتماعيين سعيا منه لتجاوز بوادر تازم قد تكون له تداعياته الخطيرة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي. مبادرة رئيس الجمهورية تحمل عدة رسائل تصب كلها في اتجاه التاكيد على ان الباجي قائد السبسي لم يبحث يوما عن اعاقة عمل الحكومة ولا تحركه حسابات شخصية تجاه يوسف الشاهد لانه لو كان الامر كذلك لاكتفى بمتابعة حالة الانسداد التي بلغتها علاقة الحكومة مع الاتحاد العام التونسي للشغل والتي لا يمكن ان تواصلت او تطورت الا ان تلحق ضررا كبيرا بالبلاد وبالحكومة ورئيسها. ان الباجي قائد السبسي يتحرك بمنطق رجل الدولة الذي لا ينخرط في اوهام الكواليس والذي لا تعنيه الا تونس ومصلحة شعبها خاصة وان لديه من التجربة ومن المواقف ما يجعله قادرا على التقاط اللحظة المناسبة لتوجيه الاحداث. والى جانب تفاؤلنا بان مبادرة رئيس الجمهورية ستثمر ايجابيا فان اصداء الاعداد للمؤتمر الوطني لحركة «نداء تونس» ترسل بدورها بوادر ايجابية . لن اتحدث هنا عن عودة عدد هام من الاطارات وعن التحاق عدد هام من الاطارات التي لم يسبق لها ان انخرطت في العمل الحزبي بل ساتوقف عند ما صرح به اول امس محسن مرزوق لجريدتكم حول اهمية دور نداء تونس وما تضمنه تصريحه من رغبة ضمنية في العودة الى البيت الندائي. لقد ادرك كل من غادر حركة نداء تونس وعمل على منافستها ان نجاح هذه المحاولة غير مضمون وهو ما اكدته الانتخابات البلدية اذ تمكنت حركتنا رغم الهزات التي تعرضت لها من ان تكون في صدارة الاحزاب والقوى المدنية في مستوى النتائج . وتصريح محسن مرزوق هو رسالة ايضا لكل من تنكر للحركة التي احتضنته ويسعى لتاسيس حزب جديد بان هذه المحاولة لن تثمر خاصة اذا تصدت للقيام بها شخصيات فاقدة للسند الشعبي واقتصر تاثيرها على الصالونات والبرامج التلفزية.