مستعد للمساهمة في انقاذ النداء بشرط ابعاد حافظ قائد السبسي والفارين من العدالة إلى الحزب أجرى الحوار: وجيه الوافي - اعتبر القيادي السابق وأحد المؤسسين لحزب نداء تونس لزهر العكرمي أن الأزمة السياسية الراهنة التي تعيشها البلاد تعود أسبابها إلى الرداءة التي أصبح عليها نداء تونس بسبب عبث وتهور مديره التنفيذي حافظ قائد السبسي، داعيا رئيس الجمهورية إلى ابعاد ابنه من المشهد السياسي قبل فوات الأوان واندثار الحزب نهائيا، وأكد العكرمي أن الأزمة الحالية هي أزمة مفتعلة من أجل تمديد العهدة الرئاسية إلى 2021، مشبها وضع الحكم في رئاسة الجمهورية بفترة حكم الصادق باي، وأشار العكرمي في حوار أدلى به ل»الصباح» إلى أنه على استعداد لإنقاذ النداء صحبة عدد من المؤسسين بشرط إبعاد حافظ قائد السبسي نهائيا من دوائر الحزب، وفي ما يلي نص الحوار: بعد، الخروج من نداء تونس والابتعاد عن العمل الحكومي، أين أنت في ظل المشهد السياسي الحالي؟ -أنا غير معني بالمناصب أنا أبحث عن دور والدليل على ذلك أنني تركت الحكومة في 2015 وكان بإمكاني تقديم تنازلات والانسياق في جوقة المهللين وبالتالي البقاء في موقعي، لكني اخترت الصدام والصراحة والصدق وعدم الانخراط في منظومة الرداءة السياسية التي سادت البلاد ومازالت لأسباب واضحة ومعروفة. ماهي هذه الأسباب، ولماذا وصل الوضع إلى ما هو عليه اليوم؟ -الأسباب كما سبق وأن قلت أصبحت معروفة ولا تخفى على أحد لكن هناك جهات تريد صرف نظر الرأي العام عن الأسباب الحقيقية وإلهاءه في مهاترات جانبية، بداية التدحرج بدأت بعد المظلمة الكبرى والعدوان الذي تعرضت له القيادات المؤسسة في حزب نداء تونس وطال البلاد والشعب التونسي من خلال انقلاب بشع وافتكاك الحزب وتسليمه للمفسدين والعصابات وأصحاب المصالح وجمع الأموال وبالتالي اختفاء القيم والمبادئ التي أنشئ عليها نداء تونس، وتم إبعادنا بقوة الدولة وقوة السلطة بعد أن أوصلنا رئيس الجمهورية إلى منصبه الحالي. تحدثتم على افتكاك حزب نداء تونس من مؤسسيه، والحال أن الباجي قائد السبسي هو أول المؤسسين فكيف سمح بأن يقع إبعادكم من الواجهة؟ -رئيس الجمهورية الحالي من الأعضاء المؤسسين لحزب نداء تونس، لكنه اختار ابنه وعائلته، وما أقوله ليس شتما لشخص الباجي قائد السبسي، بل هو تقييم سياسي، ومنذ 2015 تابعت علاقة رئيس الجمهورية مع ابنه، واقتنعت بما لا يدع مجالا للشك أنه لا يمكن أن يكون حكما عادلا بين ابنه وبين أي طرف كان، بل ان الباجي هو الصورة المخفية لحافظ، وهو من ولاه الحزب، ويوم تم استجلاب عشرات المنحرفين في اجتماع الحمامات كان الباجي على علم بذلك واتصل به آنذاك محسن مرزوق وقال له: «ولدك جايب باندية باش يعمل مجزرة»، فأجابه الرئيس قائلا: «لا أستغرب ذلك»، وأنا شخصيا ليست لدي ثقة في قدرة الباجي على لعب دور حيادي توفيقي في نداء تونس. لماذا أصبح الباجي قائد السبسي غير قادر على لعب دور الحياد مثلما قلتم؟ -ليس هناك أي تحامل على الرئيس، وما أعتقده وستكشفه الأيام أن كل ما يجري في هذه المدة من خلط أوراق وبعد فشل نداء تونس في انتخابات ألمانيا الجزئية وبعد الانتخابات البلدية وبعد التأكد بأن العهدة لم يقع تجديدها، فان المجهود الآن منصب على تمديد العهدة الرئاسية الحالية من 2019 إلى 2021 وبالتالي فان كل ما يحصل اليوم الهدف من ورائه هو ألا تجرى انتخابات 2019 ومن ذلك دعوة النداء إلى تغيير الحكومة ورئيس الحكومة وهي معركة لا مبرر لها ولا مسوغ سياسي ولا دستوري لما يحدث وهذا الإصرار على ابعاد الشاهد ومن معه دليل واضح على مساعي حافظ قائد السبسي ومن معه إلى العبور إلى 2021 دون انتخابات. بعد هذا التوصيف والتقييم الذي قدمته، هل مازال هناك مجال لإنقاذ حزب نداء تونس؟ -إنقاذ نداء تونس سينعكس على إنقاذ تونس، ولكن لا يمكن الحديث على عملية إنقاذ للحزب مع وجود ابن الرئيس حافظ قائد السبسي في النداء، ومع بقاء رئيس الجمهورية صاحب القرار الأول والأخير والحكم والمتدخل والذي يقوم بالتسويات، وبالتالي إذا خرج حافظ قائد السبسي من الحزب وخرجت المجموعة التي هربت من العدالة إلى النداء، فان من تبقى من الهيئة التأسيسية بإمكانها خلال 6 أشهر إعادة الحزب إلى سالف إشعاعه، ونحن على استعداد لتوفير حلول في صورة استبعاد حافظ قائد السبسي من الحزب، ولا مجال لأية تسويات أو مفاوضات وما عدا ذلك فان الحزب سائر إلى زوال حتمي. انتم كمؤسسين تتحملون أيضا مسؤولية في ما حصل للحزب؟ -المؤسسون تم استهدافهم واستبعادهم بمنطق القوة والتهديد وإلى اليوم مازال الترهيب والتخويف يمارس ضدنا، بمجرد القول ان حافظ قائد السبسي لا يصلح أن يكون سياسيا، ورغم ذلك فنحن مواصلون ولن تثنينا هذه المحاولات اليائسة لإسكات أصواتنا مهما كانت التكاليف. كيف تتحدث عن فشل الحزب والحال أن نداء تونس اليوم هو القوة السياسية الثانية في البلاد؟ -نداء تونس في الانتخابات البلدية جاء في المرتبة الثالثة، بعد المستقلين وحركة النهضة، نداء تونس في الانتخابات 2014 كان يملك خزانا انتخابيا بأكثر من مليون صوت، اليوم تراجع إلى ما تحت 400 ألف، وكل هذا بسبب غرور المدير التنفيذي الذي لا يحق له أن يتكلم عن الحزب لأنه لا يملك شرعية تخول له ذلك، ولم يقع انتخابه، وهو لقيط سياسي وإذا استمر الحزب بهذا الأداء فمصيره للاندثار. ما هو تقييمك للأزمة الحكومية الراهنة؟ -هي أزمة مفتعلة، لأن حكم عائلة رئيس الجمهورية لن يسمح لأي رئيس حكومة لديه هامش من الاستقلالية أن يتصرف، وان أرادوا الإقرار بفشل حكومة الشاهد، فعليهم قبل ذلك كشف ماذا حدث مع الحبيب الصيد ولماذا استبعد، وأين فشل، وأين نجح الشاهد، وأؤكد أن هذا لن يحدث، لأن حافظ قائد السبسي وزوجته منذ 2015 صاروا يتدخلون في تعيين الناس ويريدون بسط نفوذهم وفق خلفية مصالح ضيقة وليس خلفية وطنية، وأي رئيس حكومة لا يلبي هذه الطلبات عليه أن يذهب وهذا ما يقوم الباجي قائد السبسي الذي يتكفل بالباقي من خلال العمل المسرحي المعروف بوثيقة قرطاج لإزاحة رؤساء الحكومات. كلامك فيه توجيه اتهامات في اتجاه واحد والحال أن وثيقة قرطاج تجمع منظمات وطنية كبرى وطيفا سياسيا مختلفا؟ -مع احترامي للمشاركين في وثيقة قرطاج أقول ان الوثيقة التوجيهية التي فيها أكثر من 63 نقطة لا تسوى شيئا أمام النقطة 64 وهو الشرط الذي فرضه حافظ قائد السبسي وتنحية يوسف الشاهد، وكل اللقاءات والاجتماعات والمشاورات التي حصلت لم تكن سوى إخراجا مسرحيا متقنا للوصول إلى تنحية رئيس الحكومة، في إطار عملية كبرى تهدف إلى تمديد العهدة الرئاسية إلى 2021. لكن يوسف الشاهد أخطأ في العديد من المواقف -يوسف أخطأ في مهادنة حافظ قائد السبسي لمدة عام ونصف وحين لبى رغباته في التعيينات في عدد من المواقع، وفي التوقف على محاربة الفساد والفاسدين لان حافظ هو من كان يضغط لإيقاف هذه الحملة، وأعتقد أن الحرب على الشاهد بدأت بعد 23 ماي 2017 بعد اعتقال شفيق الجراية، ومن المفارقات أن العصابة المحيطة بالجراية أصبحت بعد دخوله السجن قيادات في حزب نداء تونس، وما يقع السعي إليه اليوم هو تنحية الشاهد وإخراج الجراية والحيتان الكبيرة من السجن. ليس نداء تونس وحده من يطالب بتنحية الشاهد، اتحاد الشغل كذلك أعلن رغبته في إبعاد الشاهد عن الحكم بسبب فشل العمل الحكومي وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. اتحاد الشغل له حسابات أخرى في علاقة بالإصلاحات الكبرى ورفض بيع المؤسسات العمومية وتقاطعت مصلحة الاتحاد في إزاحة الشاهد مع مصلحة عائلة رئيس الجمهورية في نفس الهدف لأنه خطر على مصالحها. حسب رأيك ما سرّ تمسك حركة النهضة بيوسف الشاهد؟ -حركة النهضة سايرت حافظ قائد السبسي طيلة الفترة الماضية، وهذه المرة الأولى التي تقف موقف عقلانيا ضدّ عبث ابن الرئيس واستهتاره السياسي، لأن الحركة لها اتصالات بالخارج وتدرك خطورة تنحية الشاهد في الوقت الراهن، إضافة إلى ذلك حسبت الموقف الداخلي ولم ترد مجاراة هذا العبث، والقول ان هناك تقاربا بين النهضة والشاهد لا يستقيم، لأن من باع الناس وباع النداء لحركة النهضة هو حافظ قائد السبسي الذين يروج اليوم إلى أن الشاهد ينسق مع النهضة. أليس من مصلحة البلاد ابتعاد الشاهد عن الحكم؟ -مصلحة البلاد أن يتوقف العبث السياسي الذي يمارسه ابن رئيس الجمهورية وأن يتصرف الباجي قائد السبسي بحكمة ويبعده ويتوقف عن مسايرته في جنونه السياسي، وقبول النقد لطريقة تسييره للبلاد لأن مؤسسة رئاسة الجمهورية ليست فوق النقد، والرئيس ليس معصوما من الخطأ، وأن نواصل في ظل استقرار حكومي وسياسي مع إجراء تغيير حكومي يقوم به رئيس الحكومة. هل تلمح إلى وجود مشاكل في رئاسة الجمهورية؟ -ما يحصل في رئاسة الجمهورية يذكرني بما حصل في عهد الصادق باي، هناك سطوة وحكم مطلق وسعي لاستجلاب القدسية والقداسة وتصفية لكل من لا يجثو على ركبتيه، إضافة إلى ذلك وقع السطو على الدستور وعلى الحياة السياسية وظهر منطق التوريث وظهرت لعبة التحالف مع الفساد والفاسدين، لكن هناك مصفاة في الحياة السياسية ستطيح بالمتسلقين والمتزلفين وكل من يعملون ضد مصلحة هذا الشعب.