يحتفل العالم شرقه وغربه بعيد الميلاد الجديد، وتقرع أجراس الكنائس في كافة أنحاء المعمورة معلنة البهجة والسرور مسترشدة بتعاليم السيد المسيح عليه السلام فيما في فلسطين وبيت المقدس تقرع أجراس الحزن حدادا على أسرها وتطويقها بغابة من سلاح قوات الاحتلال أحفاد بن غوريون، وهرتزل، وتستقبل معظم شعوب العالم قدوم العام الجديد في جو من الامن والاستقرار وفي فلسطين حيث ولد صاحب الذكر تغيب مظاهر البهجة والأمن والاستقرار ، ويلف الشعب الفلسطيني الارهاب والحصار والدمار ويعم الحزن معظم البيوت على الشهداء والجرحى والمعتقلين والمبعدين. ان الذين صلبوا السيد المسيح الذي نادى بالأمن والسلام يحاولون صلب الشعب الفلسطيني الذي مشى على طريق الجلجلة، وحمل صليب قضيته المصلوبة على أعمدة قرارات الأممالمتحدة ومجلس الامن منذ زمن مؤمنا بعدالتها وحتمية النصر مهما طال الزمن وبلغت التضحيات. لقد احتضن الشعب الفلسطيني قضيته ووضعها في حدقات عينيه ولم ترهبه مجازر العدو الصهيوني وما يقترفه من قتل واعتقال وتدمير وحصار للمدن والقرى والمخيمات. ان كنيسة البشارة التي شهدت طهارة وقدسية الناصري يحاول اليهود تدنيسها وانتهاك حرمتها مثلما يحاولون باستمرار تدنيس حرمة المسجد الأقصى والحرم الابراهيمي . ان التراتيل والصلوات المقدسة التي ترفع في كنائس فلسطين تدعو اتباع السيد المسيح اينما كانوا الى الاقتداء بتعاليمه ومعتقدانه والعمل من اجل الدم وتصحيح تزوير التاريخ الذي انتهجته الحركة الصهيونية وأعوانها في فلسطين وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني الذي أعلنت معظم دول العالم بما فيها الفاتيكان الاعتراف بحقوقه، في وقت تنكرت لهذه الحقوق أمريكا والكيان الصهيوني اللذان يمارسان شريعة الغاب ويملأ قلبيهما حقدا على الامتين العربية والاسلامية ويهزأن برسالة يسوع الناصري الذي صلى ودعا للمحبة والسلام كما يشرعان من جديد بصلب ابن مريم العذراء في كل بيت فلسطيني بل وعربي ينشد السلام العادل وعودة الشعب الفلسطيني الى وطنه. في يوم عيد الميلاد ومع اطلالة فجره الذي يتعانق مع فجر الذكرى............ لميلاد الثورة الفلسطينية يتصدى أبناء فلسطين في الضفة وقطاع غزة بشجاعة نادرة لآلة الحرب الصهيونية وسلاحهم حجر ومقلاع ويفتدون وطنهم مثلما افتدى الفدائي الاول السيد المسيح البشرية. فهل يفهم اليوم أتباع ديانته معنى الإخاء والمحبة والسلام؟ وهل ادرك نتنياهو بأن أطفال فلسطين قبل الكبار قد حملوا راية الاستشهاد من أجل تحرير وطنهم وتطهير المقدسات ومكان ميلاد السيد المسيح من رجس الاحتلال؟ لقد أدخل الشعب الفلسطيني مصطلحا جديدا في قاموس النضال (انه رامي الحجارة، ولحجر من لا سلاح له) وان السر لا يكمن في الحجر وإنما يتجسد في ارادة من يرمي الحجر. وقد صمم شعب الجبارين ان يتابع المشوار وحمل الأمانة بصبر وثبات لأن نضال هذا الشعب هو المنارة والبوصلة للتائهين والمعمية عيونهم وقلوبهم عن الحق والعدالة، في زمن تاهت فيه السفن ومزقت اشرعتها عواصف التنكر لقضايا الامة وكرامتها، وضاعت المنارات وغابت المواقف الجريئة وسيطرت جهالة عمياء على منطقة مقيدة بسلاسل من حديد ونار وانكسار وتعثرت في مسارات الدروب يسوس شعوبها حكام يفتقدون الى الرؤية الصائبة من اجل مستقبل الوطن وملامسة حلم الجماهير وقد تغيّرت لغتهم الوطنية والقومية ونفضوا أياديهم من القضية المركزية باسم التعقل والتبصر والمتغيرات والحكمة وذلك بدلا من الدفاع عن سيادة الوطن وحقوق المواطن وكرامته. كما انقلبت عند البعض الموازين المعهودة وكثرت السكاكين لتقطيع جسد الضحية. ان الرايات التي ارتفعت فوق قباب المآذن والكنائس فلسطين في هذا اليوم في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية والسنة الميلادية الجديدة تعصف بها رياح عاتية ورغم ذلك فهي صامدة في وجه الموت الذي ينسل من فوهات ومدافع العدو الصهيوني وآلياته محاولة يائسة لقتل ارادة الصمود ونحر التاريخ في ال مكان الذي ولد وصلب فيه السيد المسيح منذ فجر التاريخ. ان الشعب الفلسطيني الذي سار في حقول الاشواك وبين الألغام وعلى طريق الآلام سينهض صامدا لتحقيق النصر مهما طال الزمن، ويلبس حلة الفجر الجديد ويشدو لهذه الارض الطيبة المقدسة، ارض التنبؤات والرسالات التي نادت بعدالة السماء، في وقت تنكرت لمبادئها السمحة الحركة الصهيونية التي اقترفت مجازرها بحق الشعب الفلسطيني بدعم أمريكي، حيث ستبقى هذه الجرائم التي اقترفت في الطرقات وميادين المدن والقرى والمخيمات وحرق العائلات في المنازل شاهدا على أن امريكا والكيان الصهيوني قد قتلت الانسانية التي نادى بها رسول السلام. ان الشعب الذي حمل صليبه ومشى في طريق الآلام أكثر من مائة عام لن يتعب وسيمضي في كفاحه الى أن تضيء شموع الفرح في كنيسة المهد إيذانا بالتحرير ويشع ضوء مصابيح النصر في كنيسة القيامة ويرتفع علم فلسطين فوق أسوار القدس وقبة الصخرة والمسجد الأقصى ويعم بهاء وضياء في فلسطين لا يضاهيه سوى بهاء سيدتنا مريم العذراء الطاهرة التي من رحمها خرج سيد البشرية ليعلم الناس (أحب لأخيك كما تحب لنفسك، المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة).