يعمل رئيس الحكومة وعدد من الحلفاء والمحيطين به منذ أشهر على مشروع سياسي جديد لكن وبالرغم من مرور فترة طويلة نسبيا واقتراب الاستحقاقات الانتخابية لم يتم بعد التعرّف على هذا المشروع وملامحه. تونس الشروق: مثل المشروع السياسي الذي يشارك فيه رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد نقطة محورية في العديد من الملفات السياسية الراهنة كما تعلق به مستقبل المشهد السياسي ككل حيث ان تركيبته وعلاقاته ستؤثر حتما على الأطراف المحيطة به سواء في العائلة الوسطية التي ينسب اليها او في تحالفات الحكم التي تسبق الاستحقاق الانتخابي. 27 جانفي وفي هذا الإطار يجب ان نذكر بأن التفكير في هذا المشروع السياسي الجديد انطلق منذ أشهر لكنه تعطل ولم يتم الإعلان عنه الا مؤخرا حيث انه كان متأثرا بالأزمة السياسية بين أطراف الحكم وخاصة حركة نداء تونس وحركة النهضة ورئيس الحكومة يوسف الشاهد وكانت الساحة السياسية تتوقع ان يتم الإعلان عنه مباشرة بعد تمرير التحوير الوزاري الأخير. وبعد تمرير ذلك التحوير الذي جعل من كتلة الائتلاف الوطني أحد أبرز مكونات التحالف الحاكم الجديد فيما ارجع حركة نداء تونس الى المعارضة، كانت الساحة السياسية تنتظر الإعلان ذلك المشروع لكن تواصل التردد وحتى رئيس الحكومة الذي يقود هذا المشروع بدا مترددا في حواره الاخير وقدم مشروعه على انه مبادرة لم تنطلق بعد ويمكن ان يقوم بها السياسيون الغاضبون على أداء الساحة السياسية اليوم. وفي المقابل فقد انطلقت تحركات للمقربين من يوسف الشاهد من بينهم سليم العزابي مدير ديوان رئيس الجمهورية سابقا الى جانب عدد من وزراء الشاهد ونواب كتلة الائتلاف الوطني وتم تحديد يوم 27 جانفي الجاري كموعد للإعلان الرسمي عن المشروع في تجمع في المنستير. ومباشرة اثر حوار يوسف الشاهد الأخير أطلقت حملة في مواقع التواصل الاجتماعي وفي عدد من وسائل الإعلام من خلال التصريحات طبعا تحت عنوان «تونس اللي نحبوها» وعقدت عدة اجتماعات في الجهات تحت نفس الشعار تحضيرا لاجتماع المنستير لكن لم تتضح بعد طبيعة هذا المشروع ان كان حزبا اخر يضاف الى المشهد السياسي ام سيتخذ شكلا آخر. مخاوف مشروعة من المخاوف التي عبرت عنها الساحة السياسية حول هذا المشروع نجد التخوف من ان يصبح هذا الحزب الجديد «حزب الدولة» أي انه تكون داخل الدولة وبقيادات منها وحتى انه متهم باستغلال امكانياتها في بعض الاحيان وبالتالي يعتبر خروجا عما يتطلبه العمل السياسي الديمقراطي. كما ان تلك التخوفات تذهب إلى أبعد من ذلك حيث يرى البعض ان يوسف الشاهد سيستغل ذلك الحزب وإمكانيات الدولة من اجل تحقيق طموحه في الانتخابات القادمة سواء في التشريعية او الرئاسية وهو ما يتعارض مع تكافؤ الفرص بين الجميع في الانتخابات. وأمام تلك المخاوف هناك من يرى ان تأسيس ما سمي ب"حزب الدولة" لا يمكن ان يضر بالوضع الديمقراطي في البلاد إذا لم يتم استغلال إمكانيات الدولة فيه او لصالحه في الانتخابات كما يعتبرون ان ترؤس يوسف الشاهد لهذا المشروع لا يرفضه القانون حيث انه من حقه قانونا الجمع بين رئاسة الحزب والحكومة. وفي الأثناء يواصل يوسف الشاهد تردده تجاه المشروع السياسي الجديد ربما لعدم الحسم في الموقف النهائي للساحة السياسية من تأسيس «حزب الدولة» وخاصة من قبل شركائه في الحكم وفي مقدمتهم حركة النهضة التي لا ترفض مبدأ تاسيسه لحزب جديد لكنها لم تعبر صراحة عن موقف من تواصل رئاسته للحكومة. حيرة الشركاء في الوقت الذي انطلق فيه المحيطون برئيس الحكومة يوسف الشاهد في تأسيس الحزب الجديد تحت شعار «تونس اللي نحبوها» بدأت بوادر حيرة تتجلى في تصريحات شركائه في المشروع ومن بينهم حزب حركة مشروع تونس الذي عبر صراحة عن قناعته بغياب الجدوى من تأسيس حزب جديد وان الأولى هو تجميع العائلة الديمقراطية بدل اضافة رقم جديد لقائمة الأحزاب. ومن جهتها كانت رئيسة المجلس المركزي لحركة مشروع تونس وطفة بلعيد عارضت في تصريح لها تولي الشاهد لرئاسة المشروع الجديد حيث قالت « لا اتصوّر يوسف الشاهد زعيما للمشروع السياسي الجديد» مضيفة « لو نتفهم أنّ النظام السياسي يعطي مكانا للجميع ليكونوا في السلطة سنتجاوز كل الخلافات، والذي لم يفهم ان تونس لا يمكن أن تكون إلا في إطار قيادة جماعية ومسؤولة لم يفهم شيئا». ومن جهته غاب حزب المبادرة عن كل المشاورات التي تمت علنا حول تأسيس الحزب الجديد في حين ان التحاقه بالحكومة وخاصة تمثيله فيها برئيسه كمال مرجان قدم في البداية إشارة على إمكانية تحالف او اندماج مع جزء من الدساترة، لكن تبين أنه غير معني بهذا الحزب الجديد الذي يضم حسب قياداته جزءا من العائلة الدستورية وهي نقطة استفهام أخرى تضاف الى التمشي الذي اختاره يوسف الشاهد والمحيطون به في تأسيس حزبهم الجديد حيث أنها تعتبر في هذا الصدد تقسيما لما هو مقسم أصلا.