بدأت بوادر ترشيح الباجي قائد السبسي لرئاسية ثانية تظهر للعلن وذلك بمناسبة مؤتمر حزب نداء تونس الأخير بنابل. وهو ما فسح المجال أمام جدل واسع تعلق أساسا بحظوظ الرجل في الرئاسية القادمة وهل أنها ستكون مساوية لحظوظ 2014. تونس «الشروق» رغم أن ترشيح الباجي قائد السبسي لرئاسية 2019 لم يكن رسميا من حزب نداء تونس ورغم أنّ الباجي نفسه لم يعلن إلى حد الآن نيته الترشح، إلا أن ما لمحت إليه مؤخرا أطراف ندائية أكثر من مرة (آخرها السبت الماضي في نابل) حول امكانية ترشيحه تدفع إلى التساؤل ان كان الرجل سيقدر هذه المرة على منافسة بقية المترشحين القدامى والجدد في ظل سياق تاريخي جديد اتسم بعديد التغيرات. سياق أول ما يتفق عليه أغلب خبراء الشأن السياسي في تونس هو ان المناخ السياسي سنة 2014 مغاير تماما للمناخ السياسي الحالي. فالباجي ظهر في 2012 في ظل أزمة سياسية خنقت البلاد ونجح في تكوين حزب سرعان ما أدار إليه الاعناق من مختلف المكونات السياسية فحصلت التعبئة الكبرى على مدى عامين ودخل تشريعية 2014 بقوة. وقد كان النداء منافسا شرسا للنهضة التي كانت آنذاك في أوج العطاء بعد قضاء فترة هامة في الحكم . وكان من الطبيعي أيضا ان يكون الباجي آنذاك المرشح الوحيد للحزب والمترشح الأبرز في الرئاسية وهو ما جعله يتقدم على منافسيه في الدور الاول وعلى منافسه المباشر منصف المرزوقي في الدور الثاني. وفي المحطتين الانتخابيتين استفاد النداء كما زعيمه قائد السبسي الأب من «تكتيك» «ضد النهضة» الذي أنتج تصويتا إيجابيا واسعا لفائدته من مختلف المكونات السياسية المختلفة آنذاك مع النهضة.. اليوم قد تختلف الصورة وقد لا يُجدي تمشي «ضد النهضة» نفعا بالنظر إلى عدة اعتبارات وبالتالي قد لا يحصل التصويت المُفيد للاعتبارات نفسها. كما ان الحجم الانتخابي للنداء (الذي سيكون منطقيا وراء دعم الباجي في صورة ترشحه) يعتبره المراقبون اليوم أقل بكثير من حجم 2014 خصوصا امام حركة في قوة وتنظيم النهضة وأمام امكانية تواصل تشتت وضعف بقية القوى التي تصف نفسها بالتقدمية والحداثية والتي تعمل سياسيا وانتخابيا في منافسة النهضة والتي كان بعضها من ضمن مكونات النداء في 2014 او صوتت لفائدته ولفائدة مرشحه للرئاسية في إطار التصويت المُفيد. منافسة على جانب السياق التاريخي، من المنتظر ان تشتد المنافسة هذه المرة على كرسي قرطاج بين كل المترشحين وبحظوظ غير متباعدة عن بعضها البعض. غير أن مراقبين يتحدثون عن منافسة من نوع آخر ستنحصر بين بعض اwلوجوه التي يجمعها إما عامل التقدم في السن او عامل الزعامة الحزبية التاريخية او عامل المنافسة السابقة في انتخابات 2019..فإضافة إلى الباجي قائد السبسي يشير البعض إلى رئيس النهضة راشد الغنوشي وإلى بعض المترشحين السابقين للرئاسية منهم منصف المرزوقي وحمة الهمامي ونجيب الشابي والهاشمي الحامدي وحمادي الجبالي.. الغنوشي والمرزوقي وآخرون راشد الغنوشي يبدو الأكثر منافسة للباجي في صورة ترشحه إلا أنه نفى مؤخرا نية الترشح للرئاسية وأنه لا يطمح إلى الرئاسة لكن حزبه سيشارك رسميا فيها على حد قوله وستختار هياكله المرشح لذلك سواء من داخلها أو عبر تزكية مرشح توافقي من خارجها. وقد سبق للغنوشي أن ذهب أبعد من ذلك بالقول في حوار سابق مع»الشروق» أنه لن ينافس الباجي قائد السبسي في الترشح لرئاسة الجمهورية وهو ما ربطه كثيرون بكلامه الذي ردده أكثر من مرة آخرها الأسبوع الماضي عندما أكد الالتزام بتجربة التوافق بين حركة النهضة وكل من رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي وحزبه نداء تونس رغم ما أصاب علاقة الطرفين من توتر في الأشهر الأخيرة. وبدرجة أقل يبدو منصف المرزوقي أيضا في طريقه نحو منافسة الباجي قائد السبسي مستفيدا من تجربة الترشح السابقة رغم التراجع السياسي الذي عرفه في السنوات الاخيرة وتقلب الوضع داخل حزبه «حراك تونس الإرادة». كما أن حمة الهمامي قد يكون ابرز المعنيين بمنافسة الباجي قائد السبسي وبتحقيق نتائج محترمة كتلك التي حققها في رئاسية 2014 ( المرتبة الثالثة) خصوصا في صورة تواصل دعم ترشحه من الجبهة الشعبية. الشاهد .. ومرشح الاتحاد من المنتظر ان تبرز مع تقدم الأيام نوايا ترشح أخرى للرئاسية قد تقلب كل المعطيات خاصة إذا كانت مدعومة من بعض الاطراف القوية. ويتحدث المراقبون في هذا السياق عن يوسف الشاهد الذي قد يترشح للرئاسية بدعم سياسي واسع يتكون من مشروعه الحزبي الذي قد يؤسسه، ولا يُستبعد أن تكون النهضة من بين داعميه ايضا إلى جانب الأحزاب الأخرى التي عبّرت مؤخرا عن قربها منه. كما يتحدث البعض عن المرشح الذي قد يكون مدعوما من اتحاد الشغل ( -خصوصا ان قيادة الاتحاد قالت أنه سيكون معنيا بالمشاركة في الانتخابات القادمة) او من ائتلاف المنظمات الوطنية الذي دعت إليه رئيسة اتحاد المرأة راضية الجربي. أسباب تخدم ترشح الباجي عدم وجود منافس له داخل نداء تونس. عودة النداء بقوة الى الساحة وتشغيل « ماكينة 2014» التي عملت لصالح الباجي. امكانية دعم ترشحه من اطراف قوية وفاعلة على الساحة وتمكينه من التصويت المفيد. امكانية تواصل دعمه من الاصوات النسائية التي دعمته في الانتخابات السابقة. أسباب لا تخدم ترشح الباجي تغير السياق التاريخي الذي مكنه من الفوز في 2014 التأثر بتراجع صورة النداء مقارنة ب 2014 والتأثر خاصة بالمشاكل التي عاشها حزبه طيلة الأعوام السابقة. تشتت النداء وتشتت القوى التي دعمته عبر التصويت المفيد في 2014 عدم الايفاء بكل تعهداته ووعوده الانتخابية السابقة. عزوف التونسيين عن الانتخابات بشكل عام.