تونس (الشروق) بعد الانقلاب الامريكي في فنزويلا الذي نصّبت خلاله واشنطن رئيسا مؤقتا خلفا للرئيس الشرعي نيكولاس مادورو ، اتجهت الانظار الى مستقبل امريكا اللاتنية حيث اعتبر البعض ان امريكا تريد خلق فوضى جديدة على شاكلة السيناريو السوري الذي حولت فيه البلاد الى دمار وخراب ومرتع للدواعش والارهابيين من مختلف البلدان . ومع إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية اعترافها برئيس البرلمان الفنزويلي خوان جوايدو رئيسا انتقاليا لفنزويلا، وتجاهل الرئيس نيكولاس مادورو بدأت بعض الأنظار تتجه إلى المشهد السياسي السوري الذي دفع ضريبة التدخلات الدولية وخاصة التدخلات الأمريكية. وبالأمس أدى رئيس البرلمان الفنزويلي الخاضع لسيطرة المعارضة يمينا بأنه رئيس انتقالي، احتجاجا على نتائج الانتخابات التي جرت مؤخرا، حيث اعتبروا أنها انتخابات غير شرعية، وأن "مادورو" رئيس فاقد للشرعية، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت التطورات في فنزويلا تعني الذهاب إلى نسخة سورية في أمريكا اللاتينية. "إعادة لسيناريو سوريا".. هكذا علق المحلل السياسي والعسكري السوري العميد علي مقصود، في تعليقه على الأحداث في فنزويلا، معتبرا أن الولاياتالمتحدة كما مارست تدخلات غير شرعية لتفتيت الدول الوطنية ولضرب الوحدة الداخلية للدول وهو ما فعلته مع سوريا تفعل الأمر ذاته مع فنزويلا. وقال "مقصود" في تصريح لصحيفة الوطن المصرية إن "كل الأنظمة القانونية الدولية والمواثيق والعهود تحرم التدخل في شؤون الدول الأخرى واحترام السيادة الوطنية، إلا أن الأمريكيين دأبوا طوال تاريخهم على الضرب بهذه المواثيق عرض الحائط". وأضاف: "إما أن تكون نظاما مواليا لتوجهات واشنطن وإلا تصبح عدوا يجب التخلص منه، هم يريدون الآن التخلص من مادورو لكن لم يفكروا في أن هذا التدخل البغيض ربما يولد صراعا أهليا وحربا داخلية تتداخل فيها مختلف التيارات بما فيها المجموعات الإجرامية". وتابع: "وهذا ما تريده الولاياتالمتحدة، بلد يتم إفقاره اقتصاديا، ويتم إدخاله في صراعات داخلية". في المقابل يرى بهاء محمود الخبير في وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن السيناريو الفنزويلي مختلف كثيرا عن السيناريو السوري، وقال، في اتصال هاتفي ل"الوطن"، إن "المسألة السورية كانت في سياق مختلف مرتبط بالسياق العربي أو بسياق ما عرف بالربيع العربي، وباحتجاجات قامت ضد النظام تداخلت فيها القوى الخارجية فخلقت حالة من الفوضى". وأضاف محمود: "في الحالة الفنزويلية لا يوجد تدخل إقليمي مباشر عكس الوضع في سوريا، وحتى لو كانت هناك دول صرحت بدعم جوايدو كرئيس انتقالي، فلا تأثير كبير للمتغير الإقليمي أو لهذه التصريحات في الداخل الفنزويلي وهو مشهد مغاير للمشهد السوري". ويرى الباحث في العلاقات الدولية أن جميع دول أمريكاالجنوبية بلا استثناء لا يجرؤ أحد منهم على التدخل عسكريا في فنزويلا أو يفكر في ذلك، كما أن الولاياتالمتحدة هي الأخرى لن تتدخل عسكريا في فنزويلا لأنها لا تريد خسارة أمريكاالجنوبية، قائلا: "التدخل العسكري الأمريكي قرار لا ينفذ إلا في الشرق الأوسط أو آسيا وإفريقيا". ولفت محمود إلى أن هناك خلافات بين الدول الإقليمية في أمريكا اللاتينية في التعامل مع ما يحدث في فنزويلا، هل هو انقلاب عسكري؟ ليس كذلك لأن الجيش مع الرئيس، والشعب لم يعلن ذلك صراحة هي احتجاجات مرتبطة بمشكلات اقتصادية. وأشار الباحث ب"مركز الأهرام" إلى أن هناك قوى دولية داعمة للرئيس "مادورو" مثل الصين وروسيا، حيث يقدمون للجيش الفنزويلي دعما ماديا وعسكريا، وتم تحديثه، مع تلميحات أمريكية تخرج من وقت لآخر تشير إلى احتمالية اللجوء لتحرك عسكري. وحول إمكانية اندلاع صراع مسلح، قال "محمود" إن "الصراع المسلح نسبة موجودة، لكن لن يحدث لأن الجيش الموجود هناك يتحرك من منطلق وطني اشتراكي وخاصة أن المعارضين تدعمهم قوى دولية توصف بالعميلة". ويرى "محمود" أن السيناريو الأقرب أن الجيش سيحسم المسألة لمصلحة "مادورو"، وخاصة أن الجيش رفض تحركات رئيس البرلمان. وتؤكد تقارير صحفية وخبراء أن منطقة أمريكا اللاتينية تشهد تغييرات سياسية كبرى بعودة اليمين المحافظ إلى السلطة في عدد من دول المنطقة، وعلى رأسها البرازيل، وتراجع اليسار رغم المفاجأة الكبرى في المكسيك بوصول رئيس يساري وهو لوبيث أوبرادور. أبرز تدخلات الولاياتالمتحدة في أمريكا اللاتينية 1954: انقلاب في غواتيمالا 1961: غزو خليج الخنازير كوبا 1963: انقلاب في الدومينيكان 1964: انقلاب في البرازيل 1973: انقلاب في تشيلي 1976: انقلاب في الارجنتين 1989: غزو بنما 2002: محاولة انقلاب في فنزويلا فرضية وجود سيناريو عسكري في أمريكا اللاتينية استبعد وزير الخارجية الفنزويلي، خورخي أرياسا، فرضية سيناريو عسكري في أمريكا اللاتينية.وقال أرياسا: "بغض النظر عن مدى رغبة بعض الحكومات في قيادتنا للصراع والحرب، فإن هذا لن يحدث، كونه في أمريكا اللاتينية يوجد لدينا قبل كل شيء روح سلام عميق بين الدول". وأقر الوزير باحتمال وقوع "مصادمات، ومحاولة اجتذاب مرتزقة، وقوات شبه عسكرية" لكن" مصادمات بين الشعوب «مستحيلة». فنزويلا قد تشعل صراعا دوليا جديدا قسمت الأزمة السياسية الداخلية في فنزويلا دول العالم بين مؤيد ومعارض لحكم مادورو، حيث فتحت الأزمة الفنزويلية مسارا جديدا في علاقات الدول ومواقفها السياسية المختلفة بشأن فنزويلا. واعتبر الخبير السياسي بشؤون أمريكا اللاتينية، مارك جونز، في حديث مع وكالة "سبوتنيك" أن الأزمة السياسية في فنزويلا قد تسبب بأزمة دولية ستمتد شرارتها إلى الدول المجاورة والكبرى خصوصا مع وقوف الدول بين حكم مادورو ورئاسة غوايدو المؤقتة. وقال جونز: "دوليا اعترفت أكثرية الدول في جنوب وشمال أمريكا وبالإضافة إلى العديد من الدول الأوروبية بالرئيس الجديد غوايدو، أما مادورو فأعلنت دول أخرى كبرى اعترافها به كحاكم وحيد ورئيس لفنزويلا ومن أبرز هذه الدول الصين وروسيا وتركيا وإيران وغيرها من الدول.