عقد مجلس نواب الشعب جلسة عامة «ممتازة» للاحتفال بالذكرى الخامسة للدستور ،حضرها عدد من نواب البرلمان الحالي وعدد من نواب المجلس التأسيسي. تونس «الشروق» الجلسة العامة تم خلالها تمكين رؤساء اللجان في المجلس التاسيسي من مداخلات ، تحوّلت الى تقييم للمضامين الدستورية واسقاطها على الواقع السياسي الحالي، كما أبدى بعض المتدخلين رأيهم في ملف تنقيح الدستور. افتتح الجلسة العامة رئيس البرلمان محمد الناصر مشدّدا على أن اليوم الذي تمت المصادقة فيه على الدستور التونسي كان «لحظةً تاريخيّةً ممتازةً تجسّمت فيها وحدة التونسيّين،و نشوة الانجاز التاريخي المشترك ونخوة الانتماء الوطني.» الانتقال الديمقراطي كما أكّد الناصر أنه يوجّه تحيّة تقدير إلى كلّ أعضاء المجلس الوطني التأسيسي الذين ساهموا في صياغة دستور البلاد، وفي وضع قواعد مرحلة الانتقال الديمقراطي وأُسُس بناء دولة تونس الجديدة، واعتبر ان ما قام به النواب المؤسسون «عمل جليل». وأضاف الناصر ان الدستور الجديد أبرز حقيقة تاريخية أخرى تؤكّد ريادة تونس في محيطها العربي والإسلامي في مجال إقرار نظام ديمقراطي حقيقي. مشيرا الى ان تونس عرفت، كما أشار إلى ذلك أرسطو، تجربة أول دستور للبشرية. وهي أول بلدٍ عربيٍّ إسلامي ألغى نظام الرّق (1846) وأعلن حقوق الإنسان (عهد الأمان 1857)، وأصدر دستورا (1861). قيمة تاريخية كما اعتبر الناصر ان البُعد التاريخي لدستور 2014 في قيمته التاريخية النابعة من مضامينه التي شملت القيم والمبادئ والإختيارات التّقدّميّة والتّحرّرية المكرِّسة لحقوق وحريات المواطن ولدور الدولة الديمقراطية التونسية الجديدة. أما رئيس المجلس الوطني التاسيسي مصطفى بن جعفر فاعتبر أن مهمة المجلس الوطني التاسيسي ليست مجرد كتابة نص بل هي تعبير قوي لبناء مشروع وطني جديد ، مشيرا الى ان الدستور التونسي جهد مشترك بين النواب والمنظمات الوطنية والجمعيات والمواطنين. التشريك والانفتاح كما شدد بن جعفر على ان المجلس الوطني التاسيسي اعتمد منذ البداية على سياسية التشريك والانفتاح ، مشيرا الى ان مهمته لم تكن مجرد صياغة بنود قانونية يمكن ان تقوم بها لجنة خبراء ، بل عملية تفاعل وحوار ثقافي . كما اعتبر بن جعفر ان الدستور التونسي ليس دستور حزب بل دستور كل التونسيين . بن جعفر أضاف ان النص الدستوري يمثل خطوات هامة في الجدل القائم حول مدنية الدولة ، مشيرا الى أنه بالرغم من توفق البرلمان الحالي في المصادقة على عدد من النصوص النوعية الا انه فشل في تركيز المحكمة الدستورية وترميم الهيئة المستقلة للانتخابات. الازمة السياسية أما عن الازمة السياسية التي تعيشها تونس ، فشدد بن جعفر على أن الأطراف السياسية احتكمت الى مضمون الدستور ولو كانت هناك محكمة دستورية لتم اختصار المسافة وتم الوصول الى الحل بشكل سريع. أما عن فرضية تنقيح الدستور، شدد بن جعفر على أنه عمل بشري قابل للتعديلات لكن المنطق السليم يتطلب ان نحترمه ونطبق ما جاء فيه ونستكمل المؤسسات التي نص عليها ،قبل التفكير في التنقيح . أما مقرر الدستور الحبيب خضر فاشار الى ان الدستور التونسي مشبع بمعاني الكدح والعمل والبناء والقطع مع المركزية التي انتجت حيفا كبيرا في تونس. كما أكّد خضر على ان منهجية صياغة الدستور اعتمدت على الانطلاق من ورقة بيضاء ،الجمع في الهياكل بين المفتوح والمغلق،الانفتاح على المجتمع المدني والكفاءات والمواطنين ،الاستفادة من التجارب المقارنة والتوافق . خمس سنوات من التغييب أما رئيس لجنة السلطة القضائية في المجلس الوطني التاسيسي فاضل موسى فأشار الى ان هذا الاحتفال يأتي بعد خمس سنوات من التغييب وأضاف ان الدستور التونسي شارك فيه الجميع من نواب وجمعيات ومواطنين وخبراء... معتبرا أن الكل تجند بعد اغتيال الشهيد محمد البراهمي وتم تصحيح المسار الدستوري الأول وتغيير العديد من المضامين. فاضل موسى أشار الى انه لم يكن بالإمكان الحصول على اكثر من ذلك في تلك الفترة ، معتبرا ان النص الدستوري هو أفضل ما تم الوصول اليه ارتباطا بالمناخ السياسي الذي نشأ فيه. أما عن الازمة السياسية فشدد فاضل موسى على ان الدستور ليس متسببا فيها باعتبار انه وقع وضعه بمشاركة واسعة سياسيا ، واعتبر ان العائق ليس في الدستور وانما في الطبقة السياسية مشيرا الى انه لا يجب تعديل الدستور لترشيده وان الحل يكمن في تعديل القانون الانتخابي . مسار صعب أما رئيس لجنة المالية في المجلس التاسيسي منجي الرحوي فاكد ان المسار الذي تم خلاله صياغة الدستور التونسي كان مسارا صعبا وكانت هناك رؤى متناقضة ومتضاربة، وشدد الرحوي على ان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كانت مضمنة في عديد المحطات في الدستور، مؤكدا انها «حقوق عابرة لكل الأبواب الدستورية». كما أضاف الرحوي ان هذه الحقوق معبرة بشكل عميق عن الطابع الاجتماعي للدستور , وانها تكرس مفهوم الدولة الاجتماعية.