بكل رصيدها الثقافي والفني وثقلها التاريخي والحضاري حلت ولاية القصرين ضيفة على مدينة الثقافة أمس الجمعة 1 فيفري 2019 في موعد جديد من تظاهرة أيام الجهات مدن الفنون. فبدت كأنها عروس تتجلى بأزيائها وحرفها وآدابها وفنونها. تونس (الشروق) بعد ولايات سليانة والكاف والقيروان وغيرها من الجهات الأخرى التي حلت على مدينة الثقافة لتعرض رصيدها الثقافي والفني كان الموعد أمس الأول مع ولاية القصرين التي بدت في أبهى حلتها وهي تتجلى أمام زائريها ممن أغرتهم رائحة جبالها الشامخة فكانوا في الموعد ... وما من مار من أمام مدينة الثقافة الا وجذبته تلك الإيقاعات المتأتية من الطبول والآلات الموسيقية المختلفة التي أمنتها الفرقة الجهوية للفنون الشعبية وفرقة عيساوية فريانة .. القصرين بكل مافيها من ثراء ثقافي وفني وتاريخي كانت سخية. ولم تبخل على زوارها بعروض مختلفة من ذلك الأزياء التقليدية التي تختلف من منطقة الى أخرى داخل الولاية الى جانب معارض الفنون التشكيلية وإصدارات كتاب الجهة ... وانتظم بالمناسبة حفل توقيع لآخر ثلاثة إصدارات لكل من فوزية العلوي «سيدة الخريف» و محمد الحيزي «نشيج السهو» وبرهان يحياوي» «كلاش طاير»... مدينة تزخر بالثقافات والفنون من لا يعرف القصرين تقول إحدى العارضات هي تضم ثلثي الآثار الرومانية الموجودة في تونس وتحتوي على أكبر لوحة موزاييك في العالم «الجزر « وهي التي عرفت أيضا بجبالها الشاهقة وبإنتاجها مادة الحلفاء التي يطرز منها السجاد والمظلات ويصنع منها ديكور المنازل ... تراث هذه المدينة وجمالها توزع على البهو الرئيسي لقطب الأقطاب الذي احتضن الصناعات التقليدية التي عرفت بها القصرين والحرف اليدوية من خلال النقش على الحجارة والرخام والرسوم الحديدية لمجموعة من شباب الجهة الذين أثبتوا أنهم مبدعون بامتياز. ومن يعرف هذه المدينة عن قرب لا يفوته الحديث عن تميزها في الأكلات التقليدية التي استحسنها الزوار. وأثنوا على مذاقها الطيب على غرار «الرفيسة» التي اشتهرت بها جهة القصرين وبعض ولايات الشمال الغربي الى جانب المنتوجات الفلاحية مثل التفاح والزيوت الطبيعية... وتواصل المعرض مع المنسوجات والأغطية الصوفية ... «وقت الجبال تغني» العرض الذي لا يفوته الجمهور ولا يمكن أن يمر هذا الموعد مع ولاية القصرين دون أن يحظى الجمهور بعرض «وقت الجبال تغني» الذي استقطب جمهورا كبيرا الى ساحة المسارح بمدينة الثقافة و»وقت الجبال تغني « هو عرض ملحمي يجمع قرابة ال40 فنانا من سكان جبل سمامة أغلبهم رعاة موهوبون ومبدعون أرادوا الاحتفاء بانتصار أهالي الجبال للوطن مبرزين صمودهم في وجه الظلاميين ومحبي الموت وتحديهم للإرهاب الذي استوطن بجبالهم والتأريخ لهذه المرحلة المهمّة في حياة سكان الجبال . ويرتكز العرض بالأساس على الأغاني والأهازيج الجبلية و» القصبة « و» الطبال « والبندير . وشارك في العرض مجموعة أصوات سمّامة ومجموعة الرقص «غار بويز» أو شباب المغارة. وهم أطفال وشبان يرقصون البريك دانس في مغاور الجبل. كما كان للمسرح نصيب من خلال ثلاثة عروض مسرحية احتضنها مسرح المبدعين الشبان الأول بعنوان «قرطاج» مونولوغ لغفران الصالحي والثاني «مزرق الشمس» لجمعية بلدية فريانة للمسرح، والثالث «بلوك 74» إنتاج المركز الدولي للفنون المعاصرة بالقصرين بدعم من وزارة الشؤون الثقافية، نص ل»سامي الزريبي»، دراماتولوجيا «زينة مساهلي»، وكوريغرافيا «وليد قصوري» وإخراج «وليد الخضراوي». مسك الختام مع ولاية القصرين كان على إيقاع الموسيقى والرقص المعاصر أمنها كل من محرز العبيدي في عرض ارتجال وموال الى جانب عرض لفرقة كلوب 88 وعرض أوبيريت «العالية» ... هكذا بدت ولاية القصرين في أعين زوارها مدينة ثرية بثقافتها وفنونها وعاداتها وتقاليدها. ولن تتمكن في يوم واحد من التعريف بما تزخر به من مخزون تاريخي وحضاري. فهي من أكثر المدن التونسية ثراء وحضارة وتراثا.