أسابيع قليلة فقط تفصل بلادنا عن احتضان القمة العربية القادمة...وسط جبال من التحديات والعواصف التي تهزّ الجامعة العربية و آمال كبرى في نفس الوقت بأن تكون هذه القمة منعرجا مصيريا لإنقاذ العمل العربي المشترك . ولا شكّ أنّ الكثير من المهام تنتظر هذه القمة ...وهي مهام سياسية بالأساس و على غاية من الأهمية لأنها تمثل فرصة الأمل الاخير لإنقاذ الامن القومي العربي ...مهام تبدأ بفلسطين و لا تنتهي عند سوريا في ظلّ ادارة أمريكية لا تخفي انحيازها للاحتلال الصهيوني وسعيها الى تصفية القضية الفلسطينية تحت عنوان «صفقة القرن» ما يجعل من هذه القمة بلا معنى ولا جدوى اذا لم تعبر عن رفض صريح لا لبس فيه لهذا المشروع وإذا لم تردف هذا الرفض بدعم واضح وفاعل للأشقاء الفلسطينيين امام الابتزاز الصهيو-امريكي. واما المهمة الثانية فيمكن اعتبارها «أم» المهام وتتمثل في ضرورة استعادة سوريا لمكانها الطبيعي في البيت العربي . ذلك أنّه ليس خافيا على أحد أن إخراج سوريا من جامعة الدول العربية جعل الجامعة العربية بحكم الميت الذي ينتظر إجراءات الدفن، فتعليق عضوية دمشق في جامعة الدول العربية في نوفمبر 2011 كان نقطة تحول في تاريخ الجامعة. لقد كانت دمشق باستمرار رقما مهما في العمل العربي المشترك بكل ابعاده و هو ما يجعل من الصعب الفصل بين دمشق و عمقها العربي تماما كما لا يمكن تصور عمل عربي جدي في ظلّ غياب سوريا العروبة . فصمود سوريا في وجه الهجمة الاخيرة التي استهدفتها هو في النهاية الامر انتصار عربي يمكن البناء عليه من اجل اعادة التوازن للاختلال الاستراتيجي الفظيع الذي تسعى عدة قوى اقليمية و دولية إلى خلقه وتكريسه. لقد ادى صمود القيادة السورية الى احباط مخططات تقسيم سوريا و فرض تغيير المعادلة في المنطقة بعد ان وقفنا أمام حقيقة واقعية وهي أنّه لا حرب من دون سوريا ولا سلام دون سوريا. ولا شكّ أن تغيير المعادلة في المنطقة يفرض اليوم ايضا توافقا على استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية بما يفضي الى تبني مقاربة جديدة للخارطة الدولية في المنطقة خاصة بما تمثله دمشق من ثقل في محيطها العربي والإسلامي وعمقها القومي.