مرة اخرى تعود ازمة التحكيم في بطولتنا الى صدارة الاحداث بعد الاخطاء الفادحة التي شهدتها بعض مباريات البطولة والكأس على حدّ السواء. لكن الاخطر من ذلك هو غياب التعامل الجدي مع هذه الاخطاء، بل دفع بعض الحكام المساعدين فاتورة اخطاء غيرهم والهدف هو اسكات المظلومين من الاندية. وهو ما يطرح عدة اسئلة عن اسباب هذا التعامل بمكيالين، وهل اصبحت الجامعة هي الحكم والخصم في نفس الوقت؟ فقد كثر الحديث عن حصانة يتمتع بها بعض الحكام وخاصة الدوليين منهم، والذين لا يتعرضون حتى الى مجرد المساءلة عندما يخطؤون بل يدفع في بعض الاحيان مساعديهم ثمن اخطائهم على غرار ما حصل في مباراة الكأس الاخيرة بين اتحاد بن قردان وهلال الشابة والذي اجمع اهل الاختصاص على دور الحكم الرئيسي كان مهما في القرارات الخاطئة ومع ذلك تمت تبرئته. فهل اصبحت الادارة الوطنية للتحكيم تحكم بمنطق الاهواء والولاءات؟ ام ان الحكام الدوليين فوق كل النقد والمحاسبة؟ واذا كان الامر كذلك، فكيف سيتم اصلاح اخطائهم والنهوض بمستواهم بما انهم في كل مباراة ابرياء من اي خطإ؟ «الشروق» تحدثت مع بعض الحكام السابقين حول ما آل اليه قطاع التحكيم في ظل تزايد الانتقادات حول ادائهم فكان هذا التحقيق: محمد بن حسّانة (حكم سابق) التعليمات سبب كل الويلات ما يعيشه قطاع التحكيم في تونس ليس وليد اخطاء الفترة الاخيرة بل هي تراكمات سنوات عديدة نتيجة غياب استراتيجية واضحة في العمل، بل ان الاستراتيجية الحالية هي دعم منظومة الفساد في التحكيم، ولذا لا تستغرب ان نرى اخطاء فادحة دون محاسبة مرتكبيها لان هؤلاء الحكام يخضعون للموالاة والمحاباة . زد على ذلك فان غياب لجنة المتابعة عن مراقبة اداء الحكام ومحاسبتهم ان كانت هناك لجنة للمتابعة اصلا بما ان عدد اعضائها لا يتعدى العضوين. وعموما الكرة التونسية يحكمها شخص واحد ويعطي الحصانة لبعض الحكام والجمعيات ايضا. وما حصل الاسبوع الماضي عندما تمت معاقبة مساعد الحكم في مباراة بن قردان وهلال الشابة هو ذرّ رماد على العين، لأنه من المفروض ان يعاقب الحكم ايضا خاصة وانه المسؤول الاول عن الخطإ لكن ما لاحظناه ان الحكام الدوليين مهمتهم هي تطبيقات التعليمات خدمة لبعض الاشخاص. يسري سعد الله (حكم ) سياسة المكيالين اضرت بالتحكيم ما لاحظناه في كرتنا ان الجامعة تتبع سياسة المكيالين في تعاملها مع قطاع التحكيم، هناك من يرتكب لأول مرة خطأ ومع ذلك تتم معاقبته في الابان في حين هناك حكام تتعدد اخطاؤهم وهفواتهم لكنهم لا يتعرضون الى العقوبات، وهذه السياسة من شأنها ان تضر بالقطاع. فمبدأ العقوبات يجب ان يكون اصلاحيا خاصة في ما يتعلق بالأخطاء غير المقبولة والتي نشتم منها رائحة مجانبة للنزاهة. وفي الحقيقة فان الحكام الدوليين خاصة يخشون على فقدان الشارة الدولية وبالتالي يجدون انفسهم امام ضغوطات خارجية كبيرة تضاعف من اخطائهم، كما ان تعليق شماعة على حكم مساعد وتبرئة حكم دولي يعتبر من القرارات غير المنصفة. واذا كان ن المفروض ان تكون الجامعة السند الاول للدفاع عن الحكام فإنها اليوم دخلت في لعبة الولاءات وهذا ما تسبب في تراجع قطاع التحكيم بصفة مفزعة. حبيب ناني (حكم سابق) محاباة وادارة التحكيم بلا صلاحيات ما يحصل في قطاع التحكيم في كرتنا هو حتما نتيجة السياسة المتبعة في هذا القطاع والتي قوامها المحاباة والمجاملات، فالحكام الذي تتدرجوا للتحكيم في الرابطة الاولى وصلوا بفضل مساعدة اشخاص لهم وبالتالي من غير المعقول ان لا يردوا لهم الجميل اليوم، وحتى ان اخطؤوا فانهم سيكونون في حصانة تامة، وبالتالي يدفع بعض الحكام المساعدين فاتورة اخطائهم مثلما حصل في الفترة الاخيرة. هذه المشاكل المتراكمة في قطاع التحكيم مردّه غياب ادارة وطنية للتحكيم التي لم يعد لها صلاحيات ولا تملك نظاما داخليا او قانونا اساسيا، فلا وجود لسلم تأديبي او نظام امتحانات واضح او سلم منح مضبوط، بل نحن نعيش الفوضى، وعندما تحصا الاخطاء ويقع ردّ الفعل يتم اللجوء الى البحث عن ضحية لتكميم الافواه، على غرار ما حصل مؤخرا في بن قردان عندما صدرت العقوبة لحظات بعد انتهاء المباراة ولم تتم معاقبة الحكم الرئيسي الذي من المفروض انه المسؤول الاول والاخير عن لقطات مصيرية. سليم المرواني (حكم سابق) حكامنا في بيت الطاعة معضلة التحكيم في تونس اصبحت بلا دواء ولا يمكن اصلاح هذه المنظومة في ظل طرق العمل الحالية، خاصة اذا علمنا ان الرغبة في اصلاح القطاع غير متوفرة. فالفاعلون في القطاع التحكيمي اليوم هم من خارج القطاع وبالتالي لا ننتظر اصلاحا طالما لم تتغير الوجوه. ففي السابق كانت ازمات التحكيم ظرفية لكن اليوم اصبحت ظاهرة وهذا امر طبيعي بما ان الاندية هي التي تعين الحكام، كما ان من يريد دخول القطاع علية ان يطيع رئيس الجامعة ويخضع لإملاءاته. من ناحية نلاحظ غياب استراتيجية واضحة في العمل فاين الرسكلة الجدية والدروس التكوين؟ كل هذه الطرق اصبحت بلا جدوى بما ان الحكم اصبح يقتصر المسافة في الوصول الى اعلى الدرجات عن طريق الولاء والطاعة والنتيجة اننا اصبحنا خارج التظاهرات الدولية الكبرى واخرها كأس العالم بروسيا. هناك حكام لهم حصانة ولا يمكن معاقبتهم مهما كامت اخطاؤهم وما حصل في مباراة بن قردان وهلال الشابة خير دليل على ما اقول.