حتى في الوقت الذي تركن فيه البطولة الوطنية إلى الراحة تتواصل الفضائح والتجاوزات والخروقات الخطيرة في قطاع التحكيم في بلادنا أي أن الأمر غير متعلق فقط بآداء أصحاب الزي الأسود على المستطيل الأخضر وإنما بتصرف المسؤولين عن هذا القطاع في المكاتب والكواليس... آخر شطحات الإدارة الوطنية للتحكيم جاءتنا بمناسبة الإمتحانات الفيدرالية للحكام التي دارت مؤخرا والتي ألقيت بمناسبتها الشروط القانونية للمشاركة عرض الحائط بل في سلة المهملات ، فهناك شروط لا بد أن تتوفر في الحكم حتى يجتاز هذا الإمتحان ويصبح حكما فيدراليا غير أن إدارة عواز الطرابلسي لم تحترم هذه الشروط وخرقت القانون. هذه هي القوانين التي تجاوزتها إدارة التحكيم من بين الشروط التي تسمح للحكم باجتياز الإمتحان الفيدرالي هو أن تكون له أقدمية بثلاث سنوات في الدرجة ومن ينقصه يوم واحد عن الثلاثة أعوام لا يجوز له المشاركة في الإمتحان... المسألة واضحة هنا والقانون صريح... تصوروا ماذا فعلت إدارة عواز الطرابلسي في هذا الجانب؟ ... لقد سمحت لحكام لم تمض غير سنتين على التحاقهم بالدرجة الأولى باجتياز الإمتحان ... نعم لقد فعلت ذلك غير عابئة بخطورة القرار الذي أقدمت عليه وبتبعاته الكبيرة ... ومن بين هؤلاء الحكام الذين تم السماح لهم بالمشاركة ضد القانون هناك من رسب مثل لطفي الشريف الذي لم يستغل من سوء حظه الهدية ومنهم من نجح مثل وليد الحراق وهيكل الضاوي وكذلك بطل الموسم الفارط مراد بن حمزة الذي يبدو أن إدارة التحكيم جازته على تألقه « الرائع» في البلاي أوف بمنحه درجة لا يستحقها ولا تتوفر فيه شروط اجتياز امتحانها وبالتالي الحصول عليها ... شرط ثان ألقته إدارة التحكيم في سلة المهملات بمناسبة هذا الإمتحان وهو عدد المقابلات في الدرجة الأولى والذي لا يجب أن يكون أقل من اثنتين وهذا الشرط لم يتوفر عند الحكم عبد الرؤوف الحمداني من رابطة الكاف ومع ذلك سمح له باجتياز الإمتحان ونجح وأصبح حكم فيدراليا... شرط آخر رمى به عواز الطرابلسي عرض الحائط وهو ضرورة النشاط وإدارة المباريات في الموسم الفارط فلا يجوز لأي حكم اجتياز الإمتحان الفيدرالي وهو عاطل عن النشاط طوال الموسم ومع ذلك سمح للحكمة ريم شبره بالمشاركة ونجحت وأصبحت بقدرة قادر مثل بقية الذين ذكرناهم حكمة فيدرالية... هل من رقيب وحسيب؟ أم أن الإدارة فوق القانون؟ هكذا تدار الأمور بالإدارة الوطنية للتحكيم وهكذا هي طبيعة العمل بهذا القطاع الذي ظل الوحيد في تونس صامدا أمام الثورة ببقاء الأسماء القديمة فيه والتي لم تزعزها ريح التغيير والتجديد رغم التجاوزات والفضائح وهذا غريب فعلا ويطرح العديد من نقاط الإستفهام ... إذن وعند الإطلاع على كل هذه الشروط والقوانين التي لم تحترمها الإدارة الوطنية للتحكيم في امتحان الدرجة الفيدرالية فإن الأسئلة التي تتبادر للذهن بصفة مباشرة وآلية عديدة ومختلفة وأهمها : أليس هناك من يراقب ويحاسب اللجنة والمسؤولين عنها؟ ... هل يفسح المجال هكذا للمشرفين عليها للتلاعب بالقوانين هكذا كما يشتهون ويريدون ؟ ... هل إنهم فوق القانون والمحاسبة ؟... في الحقيقة تساؤلات عديدة تفرض نفسها لأن التجاوزات تتكرر وتتفاقم فلا تكاد تمضي مناسبة خاصة بالتحكيم في تونس إلا وتحضر فيها الفضائح والخروقات ولعبة الكواليس والغريب أن لا أحد يحرك ساكنا ويتدخل لإحداث « الثورة» التي آن الأوان لاندلاعها حتى يصل القطاع إلى التغييرات الضرورية التي تعطيه نفسا جديدا يساهم فعلا في تطور كرة القدم التونسية، لأن ما يحدث في كل موسم وباستمرار في التحكيم يسير ضد تيار التطور والتقدم والتحسن ويعيدنا دائما لسنوات إلى الوراء وهذا طبيعي بمأ أن الأسماء التي تشرف على هذا القطاع لم تتغيّر بل ظلت رابضة في مكانها ومتشبثة بالكراسي ولم تشملها على عكس بقية القطاعات في بلادنا رياح التبديل وهذا ما لم نفهمه فعلا ويدل على أن هناك أمورا مريبة ومنظمة تحصل في هذه الإدارة الوحيدة في تونس التي بقي فيها نفس المشرفين عليها الذي عرفناهم قبل الثورة. الدرجة الفيدرالية «تهدى» في عهد عواز كل هذه الخروقات التي حصلت مؤخرا في الإدارة الوطنية للتحكيم بمناسبة الإمتحان الفيدرالي سمحت إذن لبعض الحكام بالحصول على شيء لا يستحقونه ولا يخوّله لهم القانون والملفت للإنتباه هو أن الدرجة الفيدرالية نزلت في هذه السنة في عهد عواز الطرابلسي وبسبب التجاوزات الخطيرة التي حصلت إلى مستوى متردّ مكن كل من دب وهب من المشاركة والنجاح فيها... لقد كانت نسبة النجاح في السابق لا تتعدى 15 بالمائة في امتحان هذه الدرجة وكان كل المشاركين فيه يتمتعون بالشروط القانونية وها إن الأمر انقلب «سافيه على عاليه» هذه السنة حيث ارتفعت نسبة النجاح دفعة واحدة إلى 50 بالمائة تقريبا وشارك في الإمتحان حكام ليس لهم الحق ونالوا بهذا الخرق درجة لا يستحقونها وهذا غير مقبول بالمرة في بلادنا الآن ولا يمكن السكوت عليه إطلاقا ولا على الذين سمحوا لأنفسهم بكل هذه الخروقات التي لم تحترم فيها القوانين... هذه المعطيات تفيد أن الدرجة منحت بالمحاباة وكهدية للبعض وهذا غير مقبول بتاتا ، فليعرف وليفهم عواز الطرابلسي أنه لم يعد هنا في «تونس الثورة» من يأخذ شيئا ليس من حقه أو من يسمح لنفسه بإهداء شيء لا يخوّل له القانون منحه لأي كان فكيف تسمح إدارة التحكيم بذلك وتنصب نفسها « فاطقة ناطقة « تفعل ما تريد وتشاء منتهجة سياسة المحاباة ترفع هذا وتنزل ذاك وتهدي لهذا وذاك حسب أهوائها غير عابئة بالقوانين بل ومتعدية عليها بشكل مفضوح؟ هل يتدخل رئيس الجامعة لفرض احترام القوانين ... أم سينتهج سياسة المكيالين؟ كل من له المسؤولية وصلاحية للتدخل وإيقاف هذا النزيف الذي داس على القوانين في «تونس الثورة» مدعو إلى القيام بواجبه وتصحيح الوضع وإلا فإنه سيصبح متواطآ ومشجعا لهذه التجاوزات الخطيرة... وهنا نتساءل هل أن رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم السيد وديع الجريء سيتدخل مثلما فعل سابقا مع الناصر كريم ويقيله من منصبه أم أنه سينتهج سياسة المكيالين «ويغمض عينيه» على خروقات لن يسمح بها الشارع الرياضي التونسي؟... هذا السؤال ستجيبنا عليه الأيام القليلة القادمة التي ستكسف لنا أيضا مدى احترام مسؤولي كرة القدم في بلادنا للقوانين وتشبثهم بها ورفض التلاعب بها وخاصة الضرب بقوة على أيدي كل من تخوّل له نفسه الدوس عليها ... نحن في انتظار تدخل رئيس الجامعة حتى نتعرف ونفهم أيضا كيف تسير كرتنا وإلى أين تمضي وهل إن هناك فعلا محاباة في هياكل كرة القدم أم أن المعاملة بالمثل لأن الواقع ينادي بضرورة أن يلقى الرئيس الحالي لإدارة التحكيم نفس مصير الناصر كريم... أليس كذلك يا سي وديع؟ وضعية حكام أصناف الشبان صعبة جدا في الوقت الذي تدوس فيه الإدارة الوطنية للتحكيم على القانون وتحابي هذا وتعطي لهذا شيئا لا يستحقه ولا تسمح به الشروط يعيش حكام أصناف الشبان وضعا صعبا للغاية بل ومزريا بسبب عدم حصولهم على مستحقاتهم على الرغم من أنهم أولى بالخلاص قبل غيرهم وأن يمروا في المقام الأول نظرا لحالاتهم الاجتماعية الحرجة وحاجتهم للمال... إذن فإن مشاكل قطاع التحكيم في تونس كبيرة ومتعددة ولا يجوز أن تزيدها تعقيدا تصرفات المشرفين على إدارته بدوس القوانين ومحاباة البعض على حساب البعض وإهمال البعض الآخر وهي معاملات وتجاوزات تؤكد للمرة الألف أن عهد التغيير في هذا الميدان قد حان فعلا لأن الرياضيين التونسيين ملوا هذه التصرفات وخاصة الصادرة عن بعض الأسماء القابعة في الكراسي لسنوات عديدة.