البداية كانت بالعِناق والحَلويات أمّا النهاية فقد تَسيّدتها «الحِجارة» والمَقذوفات. هذه التَناقضات رافقت رحلة الترجي إلى تطاوين بمناسبة الجولة الرابعة عشرة من مُنافسات البطولة المحلية. وقد عادت البَعثة الترجية من رحلة الجنوب بفوز ثمين لكنّه للنِسيان بالنّظر إلى تواضع الأداء العَام للاعبين والضَّجة التي أحدثتها ضَربة الجزاء التي جَاء منها الهدف اليَتيم لهيثم الجويني. الصّورة (1) كلّ المُؤشّرات كانت تُوحي بأن لقاء تطاوين وضيفه الترجي ستكون أشبه ب»العُرس» بالنّظر إلى الحَفاوة الكبيرة التي وجدها شيخ الأندية التونسية في ميدان نجيب الخطّاب. فقد خَصّت الجماهير المحلية ابن الجهة والجمعية سعد بقير بإستقبال باهر. كما أغرق أهل الدار حمدي المدب وجميع مُرافقيه في بحر كَرمهم وجُودهم بعد أن تمّ تركيز خَيمة تَتوفّر فيها كلّ مُستلزمات الضّيافة مع السماح لعدد من أحباء نادي «باب سويقة» بمواكبة اللّقاء فضلا عن رفع لافتة عملاقة تَحتوي على تحية تَقدير لبطل العرب وإفريقيا. لكن مع تَقدّم الوقت انقلبت الآية وشَاهدنا صُورة مُغايرة والسّبب في ذلك «اجتهاد خَاطىء» من الحَكم. الصّورة (2) في حُدود الدقيقة 80 أفسد الحَكم يسري بوعلي «المَهرجان» بعد أن أعلن عن ضربة جزاء غير صَحيحة للترجيين لتَثُور ثائرة المحليين ويخرج اللّقاء عن مَساره الطبيعي. ضربة الجَزاء لم تكن شَرعية وهذا لا يُنكره أحد. كما أن هَيجان المحليين على طاقم التحكيم مفهوم لشعورهم بأن بوعلي وبقية مُساعديه حَرموا ناديهم من نُقطة التعادل وليقينهم الراسخ بأن الترجي ليس في حاجة إلى «مزيّة» من أحد لِيَنتصر. لكن هذا الغَضب لا يُبرّر أبدا «مُحاصرة» الإطار الفني للترجي بشكل جعل الشعباني «يَهرب» من وابل الحجارة إلى «الضِفّة» الأخرى من الميدان حِماية لجسده وتَفاديا لمصير الكثير من الحكّام والرياضيين الذين أصيبوا أو مَاتوا في وقت سابق بفعل الحِجارة الطائشة (الكامروني إيبوسي نموذجا). لقد أذنب بوعلي في حقّ الإتحاديين لكن الترجي لا نَاقلة له ولا جَمل في هذه الهَفوة التَحكيمية والتي كان زملاء الجويني أمام حَتمية إستثمارها أو»رَفضها» وهذا «السِيناريو المِثالي» والذي حصل في «العالم الآخر» غير مُمكن في تونس التي تستفيد فيها كلّ الأندية من أخطاء الحكّام وقد يُصادف أيضا أن تَكتوي ب»ظُلمهم» وهذا ما عاشه الترجي مَثلا بين رحلتي قابسوتطاوين حيث إرتكب نضال لطيف أخطاءً فادحة في حقّ الفريق المُستفيد في المُقابل من ضربة جزاء «وَهمية» على يد يسري بوعلي. الشعباني يُوضّح تَعرّض الشعباني إلى «تَضييقات» كبيرة وهُجومات كَاسحة في ملعب نجيب الخطّاب وفي هذا السياق أكد مدرب الترجي أنه يحترم جماهير تطاوين مُعتبرا أن «تَهاطل» الحِجارة من المدرّجات فرض عليه التحوّل إلى الجِهة المُقابلة للميدان ليُواصل تَوجيه لاعبيه ويَتفادى غَضب المحليين. وقال الشعباني إن فريقه أكد قوّة شخصيته وأثبت قدرته على النجاح في تنقّلاته الداخلية والخارجية رغم التعب والحجارة.. وكلّ العوائق التي قد تَعترض الفريق في رحلة اصطياد الإنتصارات والتتويجات، وذكّر الشعباني بأن ناديه لم يَستفد من ضربات الجزاء سوى في مُناسبتين وذلك من جملة 14 مُباراة خاضها الترجي في سباق البطولة. مردود مُتوسّط لم يَرتق أداء الترجي إلى المستوى المنشود في مُواجهة تطاوين. وقد اجتمعت عدّة عوامل لتحول دون الظهور بالوجه المعهود. فقد راهن الشعباني على العناصر الإحتياطية ما أفقد الجمعية الفَاعلية لغياب الإنسجام والتَناغم بين الأسماء التي أثّثت التشكيلة. ولا جِدال أيضا في أن الخَصم يَملك مُؤهلات مُحترمة ومن الواضح أن مدرّبه إسكندر القصري إستعدّ بشكل جيّد لمُواجهة ناديه السّابق وقد سَاهم هذا الأمر بدوره في تواضع المَردودية العَامة للترجي. الحُكم مُؤجّل كما تَوقّعنا ظهر المهاجم النيجيري «جونيور لوكازا» في التشكيلة الترجية وقد خاض المُنتدب الجديد كامل اللقاء وأظهر إستعدادات فنية وبدنية لا يُستهان بها لكن الحُكم النهائي على امكاناته رهن ما سيقدّمه في الفترة القادمة لأن التَقييم لا يَستقيم على هَامش ظهور اللاعب في لقاء «يَتيم». الملف الصحي لشمّام والهوني بمجرّد العودة من تطاوين، انطلقت التحضيرات للمواجهة الإفريقية الحاسمة ضدّ «أورلاندو بيراتس» الجنوب - إفريقي وذلك يوم الثلاثاء القادم في المنزه بداية من الثانية بعد الزّوال. وقد طالب الإطار الفني لاعبيه بالتركيز التّام على هذا اللقاء بما أنه يُعتبر مفتاح الترشّح إلى الدور ربع النهائي لرابطة الأبطال. ومن المعلوم أن الترجي و»قراصنة» جنوب إفريقيا يَتقاسمان حَاليا صدارة المجموعة الثانية برصيد خمس نقاط لكلّ واحد منهما. وفي سياق مُتّصل بلقاء «أورلاندو» يَبذل الجهاز الطبي بقيادة الدكتور ياسين بن أحمد مجهودات كبيرة لتأهيل خليل شمّام واللّيبي حمدو الهُوني. ومن المفروض أن يخضع هذا الثنائي إلى جُملة من الفُحوصات لتحديد جَاهزيتهما من عدمها للمُشاركة في اللّقاء الإفريقي. ومن المعروف أن شمّام والهوني أصيبا في لقاء بنزرت يوم 23 جانفي وهو ما استوجب رُكونهما لراحة مُطوّلة.