حيدرة، احدى مدن ولاية القصرين مدينة جميلة جدا تزخر بأثار رومانية تمتد على مساحة شاسعة يشقها وادي حيدرة الذي زادها رونقا وجمالا. تحيط بها جبال تغطيها أشجار الصنوبر والبلوط والفلين. يعيش بين احضان الغابة جمع هام من الطيور بأشكال والوان مختلفة، حيوانات شتى. الخنزير الذئب الضبع والثعلب... تحتوي حيدرة على معابد وكنائس وحصون وقلاع ومقابر وأقواس وأضرحة ضخمة، وما تزال توجد في أحد مواقعها مدينة رومانية متكاملة كانت تسمّى قديماً أميدرة، وشكّلت قاعدة عسكرية أساسية في الشمال الأفريقي أثناء حكم الإمبراطور أغسطس (63 ق. م - 14م)، لكن تراجعت مكانة هذه الحاضرة بعد نقل القاعدة إلى مدينة تبسة الجزائرية في القرن الأول بعد الميلاد. تتضمّن الآثار التي تقع بين مقام بن إبراهيم وسكة الحديد وصولاً إلى وادي حيدرة، عدداً من الأديرة القديمة منها: كنيسة ميليوس، وكنيسة الشهداء، وكنيسة الو ندال، وكنيسة الحصن، وكنيسة خارج الحصن، وقوس النصر، والمسرح، والمعبد، والحصن البيزنطي، والحمامات، إلى جانب عدد من الأضرحة والقبور. بعد إهمال دام لعقود، قامت الجهات المسؤولة بوضع أول خريطة للمنطقة قبل سنوات، واستحدث المتحف الذي تعرض مقتنياته تاريخ المدينة التي عادت لتصبح موقعاً حيوياً أثناء حكم البيزنطيين وظلّ كذلك حتى حلول القرن السابع، وبسبب بعدها عن الطريق الرئيسية الرابطة بين القيروان والزّاب -أكبر مدن العصور الإسلامية في تونس- قّل الاهتمام بها. في العهد العثماني، انبعثت حيدرة من جديد مع ترميم قلعتها وأبراجها العشرة المربعة وغيرها من الآثار المتواجدة، وغدت مأهولة بالسكّان حيث وصفها الرحالة الألماني بوكلير موسكاو، في رحلته سنة 1835 التي دوّنها في كتابه الشهير «سيملاسو في إفريقيا» بأجزائه الخمسة، واشتمل على رحلاته إلى مصر وشمال أفريقيا.