ريشة، ألوان وتفاعلات مع الواقع المعاش وأحاسيس في سياق لحظات إلهام لا تعترف بالمكان ولا الزمان ولا بالأنا... شكّلت كل هذه أدوات الفنان التشكيلي إكرام الغربي وظفها في 38 لوحة زيتية اختار لها رواق دار الثقافة «علي الدوعاجي» بحمام سوسة معرضا. (الشروق) مكتب الساحل لا يعتبر الفنان إكرام الغربي الفن التشكيلي مجرد ألوان زيتية على سطح قماشي بل هو رؤى فكرية وتفاعلات مع الواقع المعاش واختلاجات وهواجس يتنفسها الفنان ضمن رسالة إنسانية، كما أكّد إكرام على هامش الحرية دون التقيد بمدرسة أو نوعية لأن الفن حرّ بطبعه حسب قوله، لذلك ترى لوحاته متنوعة من حيث التقنيات والمضامين من التشخيصي للتجريدي السريالي. هذه اللوحات تصوّر الحياة الاجتماعية التقليدية للمواطن «الحمامي» (نسبة لمسقط رأس الفنان حمام سوسة ) وتعبّر في جانب منها على مواقفه من القضايا السياسية والوطنية مثل القضية الفلسطينية من خلال لوحة القدس التي كسر فيها كل القيود والحواجز وكانت من اللوحات التي اتخذت صبغة تفاؤلية إلى جانب التصوير بالتلميح أو بالتصريح للواقع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه تونس من خلال لوحة رسم فيها قطيعا بقيادة حزبين ولوحة العربي القاتمة وأخرى رسم فيها القائد القرطاجي حنبعل وهو يضع على ملابسه علم تونس وتنسكب من عينه دمعة لوّنها الرسام بالأحمر يبكي دما على واقع البلاد وحبا لها وإلى جانب هذه اللوحة وضع أخرى لفتاة تمثل تونس بيدها حمامة تعبر عن تفاؤل بمستقبل أفضل. كما لم تخلُ مضامين لوحاته من قضايا وجودية فلسفية تخص مصير الإنسان وأخرى تشخيصية فيها تعبير على حب الحياة، لوحات تشكيلية بحبكة أدبية فلسفية وجودية مرجعيتها رصيد من التجربة الحياتية والفكرية ضمن خيال شاسع عكست تمكنا من آليات الفعل التشكيلي وعمقا فنيا تجعل المشاهد يقف أمام كل لوحة ليرى ذاته ويتعرف على ذوات أخرى، يقرأ أفكاره وأفكار آخرين في رحلة حول التأويلات والتفسيرات لا يخرج منها حتى يدخل في أخرى من خلال معرض قال إكرام إنه تعمد عدم عنونته كما اختار أن لا يضع عناوين للوحاته لأن في ذلك نوعا من القيد والتوجيه الذي يتناقض مع العملية الإبداعية حسب تقديره، كما لم يضع تقديرات مالية على أعماله الإبداعية وتركها لتقييمات من يفهما ويقدر درجة الإبداع التي تحويه.