الحمامات «الشروق» تغير مسار الندوة السنوية الأولى لنقابة العدلية المخصصة من مناقشة موضوع العدالة الناجزة الى تطارح الأوضاع المتردية لأكثر من 6000 كاتب محكمة يعتبرون في الظاهر عماد المرفق العدلي في تونس وفي الأصل هم الحلقة الأضعف في هذه المنظومة... تحاول النقابة الوطنية لأعوان وإطارات العدلية الارتقاء بالعمل النقابي الى مناقشة قضايا نوعية لها علاقة مباشرة بتطوير المنظومة القضائية في تونس لذلك جاء موضوع الندوة السنوية الأولى للنقابة في صميم النقاش العام الدائر في تونس منذ سنوات حول البطء في إجراءات التقاضي في تونس وانعكاساته على مصالح المتقاضين. وفعلا كانت القاضية، أنيسة التريشلي، قد استهلت هذه الندوة بالقاء محاضرة قيمة حول دور كاتب المحكمة في تحقيق العدالة الناجزة. محاضرة رفعت اللبس الحاصل لدى الجمهور حول الاعتقاد الراسخ بان كاتب المحكمة ليس الا موظفا يقوم بأداء مهام إدارية معينة حسب ما يأمره بها "عرفه" المباشر وحول حقيقة الدور المنوط بعهدته كمأمور عدلي مكلف بالسهر على الإجراءات القانونية في سائر القضايا وعلى حفظ وتسليم نسخ الأحكام. واعتبرت القاضية ان كاتب المحكمة مثله مثل القضاة الجالسين وممثل النيابة العمومية محمول عليه تامين شروط المحاكمة العادلة. كما اكدت القاضية انيسة التريشلي على الدور المتميز لكاتب المحكمة " في الاضطلاع بمهمة مساعدة القاضي على حسن تسيير مرفق القضاء ابتداء من تدوين الإجراءات وتذليل الصعوبات الإجرائية لقضاء شؤون الناس وحفظ ملفات القضايا وتأمين المحجوز والحجج والسندات الهامة إلى حماية أرشيف المحكمة. فدور كاتب المحكمة دور جوهري وأساسي في سير كامل دواليب القضاء وخاصة في جزئياته وتشعباته من مادة إلى أخرى ومن اجراء إلى آخر ومن أجل إلى آجال مختلفة، ومن الصعب على غير المتشبعين بالإجراءات القانونية، تصور وإدراك المهام الدقيقة والمتنوعة التي يختص بها هذا الصنف من الموظفين العموميين بالمحاكم التونسية ". وفي نفس السياق مداخلات باقي الضيوف الذين اثثوا على مدي يومي السبت والاحد الماضيين المحاور التي تناولتها هذه الندوة على غرار عضو مجلس نواب الشعب، أسماء أبو الهناء والمحامي فيصل الجدلاوي ونزار الشوك، القاضي والمنسق العام للمنتدى القضائي للعدالة والقانون والامن وسمير حميد، القاضي بالمحكمة الابتدائية بأريانة ومراد اليوسفي، رئيس النقابة العامة لاستعلامات الحرس الوطني. تنظيم محكم... إضافة الى دورها في الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية لمنخرطيها، تجتهد النقابة الوطنية لأعوان وإطارات العدلية في الارتقاء بالعمل النقابي الى ما هو نوعي لذلك تم اسناد رئاسة لجنة التنظيم الى مكتب مختص يقوده الحبيب العيساوي وامين مال النقابة، فيصل الحسايني. وكانت الندوة قد التأمت بنزل دار الخيام بالحمامات الذي يسهر على ادارته المدير محمد بن يحيى. الى ذلك وبمجرد فسح المجال للمشاركين في هذه الندوة للنقاش العام، رمت الأوضاع المتردية لهذا السلك بضلالها على اعمال الندوة ليكتشف الحضور حجم المعاناة التي يتخبط فيها كتبة المحاكم في تونس. فرغم ان غالبية المنتمين لهذا السلك هم من حاملي الشهائد العليا فان معدل الأجور لا يتعدى ال 750 دينار شهريا رغم جسامة المسؤولية التي يتحملونها من حيث حماية الملفات وحفظ المحجوز وتولي باقي الإجراءات التي تتطلبها عملية التقاضي. كان رئيس النقابة، حطاب بن عثمان، قد كشف ان " المنظومة القضائية تعاني من ضغط كبير لمطالبتها بالسرعة في البت في القضايا والفصل فيها، في الوقت الذي تشكو فيه مشاكل حقيقية تتمثل خاصة في عدم توفر الحد الأدنى من وسائل العمل من المكاتب وخزانات وحواسيب". ; دعا بن عثمان وزارة العدل الى احترام محتوى البيان الختامي للندوة من حيث " تحسين ظروف العمل داخل المحاكم وتوفير التجهيزات والمعدات اللازمة وتحمل سلطة الاشراف مسؤوليتها كاملة و إعداد مشروع قانون أساسي لكتبة المحاكم و تمتين علاقة كتبة المحاكم بشركائهم في المنظومة القضائية ومراجعة أجور أعوان وإطارات وزارة العدل وتمكينهم من حقوقهم كاملة. مضيفا ان النقابة الوطنية لأعوان وإطارات العدلية ترفض اي مشروع يدعو إلى الاستقلالية المالية للقضاء العدلي لا يتم تشريك النقابة فيه".