الذين استغربوا من تلاميذ ما يعرف بمدرسة الرڤاب تغافلوا عن حقيقة اخرى مفزعة ورهيبة وخطيرة. حقيقة ان المدارس والمعاهد التونسية تطرد سنويا اكثر من 100 الف طفل وترمي بهم الى الشوارع وعالم الانحراف. تونس هي البلد الوحيد في العالم الذي يطرد من مدارسه الاف الأطفال دون ان تعرف عنهم الحكومة ووزارة التربية أي شيء. استمرار الأطفال في دراستهم بشكل اجباري الى حدود سن 16 عاما كذبة اخرى ككل الأكاذيب التي نسمعها. حكاية التكوين المهني أيضا كذبة اخرى في تونس. مئات المليارات تصرف سنويا على مراكز التكوين المهني دون ان نرى نتيجة في الواقع. كل الوزراء السابقين الذين أشرفوا على وزارة التربية كذبوا على التونسيين وكانوا فاشلين وعاجزين عن الإصلاح وأفسدوا بقراراتهم التعليم وجعلوا من المدرسة التونسية مدرسة للفشل والنجاح فيها هو الاستثناء وليس القاعدة. أطفال مدرسة الرڤاب كانوا من ضمن الآلاف الذين طردتهم المدارس العمومية التي اصبح فيها الفشل هو القاعدة، فاستقبلتهم المدارس المتطرفة والخارجة عن القانون. كان على الحكومة ان تؤسس جهازاً خاصا بمتابعة الاف الأطفال الذين يطردون سنويا من المدارس ولا احد يتابعهم ولا احد يسأل عنهم. في تونس اليوم تفشى التعليم الديني الخارج عن سيطرة ومراقبة الدولة وأيضا انتشرت الأمية واكتسحت المدن والأرياف والقرى. بعد سنوات سيكون لنا شباب نصفه متطرف ونصفه الآخر أمي يجهل القراءة والكتابة وفي المقابل توجد الاف المدارس والمعاهد دون إمكانيات ودون مناهج تدريس متطورة ودون وسائل تعليمية عصرية. لن تتخلص تونس من التعليم الفوضوي والديني والموازي دون ان تقرر اصلاحا عميقا وشاملا للمنظومة التربوية ودون ان تؤسس تعليما جديدا حديثا متطورا فيه حظ لكل التلاميذ والطلبة وشعاره النجاح هو القاعدة والفشل هو الاستثناء. على التونسيين ان ينتبهوا ان نسبة الأمية فاقت ال50 بالمائة في بعض المدن والقرى وعليهم ان يدركوا ان كل المطرودين من المدارس ليس أمامهم سوى التطرف والتشدد والمدارس الفوضوية الخارجة عن سيطرة الدولة.