نسبة هامّة من أسماك بحر البلطيك الأكثر تلوّثا تحمل على ظهرها المقوّس علامات الأورام السرطانيّة. لقد اهتمّ John Harshbarger من معهد Smithsonian بسرطان الحيوانات البرّيّة وبالأخصّ سرطان السّمك. خلص إلى أنّ هذه الإصابات غير طبيعيّة وهي ليست ناتجة عن الإصابة بالفيروسات ولكنّها مرتبطة مباشرة بالتلوّث ببقايا وترسّبات الهيدروكربور العطري المتعدّد الحلقات الدّائريّة (Hydrocarbures aromatiques polycyclique) الموجودة في المواد النفطيّة والمحروقات بصفة عامّة. فعندما يلتهم السمك هذه المواد أو تلتصق بجلده يصاب بالسرطان. تتركّز المواد الملوّثة في زيوت الأسماك ويتسبّب في انخرام جهاز المناعة ويهيّئ الإنسان كما الحيوان لحالات التعفّن وأمراض السرطان. بطبيعة الحال من السهل الإنكار حين يصعب التدليل. لكن حتّى في حالة توفّر كلّ المعطيات والبحوث الميدانيّة والمخبريّة والوبائيّة يتعنّت البعض ويرفض الاعتراف بعلاقة هذه المواد بظهور مرض السرطان. من ناحية أخرى وبدعوى الحفاظ على "سرّيّة طرق التصنيع" وعدم كشف طريقة الإنتاج لا يقع التدليل على ملصقات الحاويات على كلّ المواد المكوّنة. فالحفاظ على مصلحة المؤسّسات المنتجة أوكد من الحفاظ على صحّة البشر. بالمقابل تدعّم الحكومات وخصوصا منها في البلدان المصنّعة استعمال المبيدات في قطاع الفلاحة وترصد لها اعتمادات هامّة. ففي أوروبا يحصل المزارع على دعم ب500 يورو في الهكتار إذا زرع أرضه ذرّة مخصّصة لغذاء الماشية (مع استعمال كثيف للأسمدة والمبيدات) بينما لا يحصل المزارع الذي يترك بقرته ترعى الكلأ أيّ دعم. يرى الدكتور تشارلز هين وهو مختصّ في الغذاء من جامعة كاليفورنيا أنّ "الطبّ الحديث يعلم القليل عن انعكاسات المواد المضافة للغذاء على الجسم." منذ سنة 1957 كان الإنسان يعلم أنّ بعض المواد الملوّنة المستعملة في الغذاء تتسبّب في حالات سرطان لدى الفئران من ذلك المادّة الصفراء التي تستعمل في تلوين الزباد والمارغرين. لقد وضع المستهلك ثقته في التقنية وفى المسؤولين عن مراقبة الغذاء والمختصّين بحيث لم يعد يعبأ بما يمكن أن تحتويه المواد الغذائيّة التي تُعرض في السوق. في الحقيقة كلّ المواد الغذائيّة الصناعيّة بلا استثناء تحوى درجات معيّنة من المواد الكيميائيّة المضافة. حتّى قشرة اللّيمون والقوارص تحوي درجات من المواد الكيميائيّة. يعتقد المختصّون أنّ كلى وكبد المستهلك قادرة على تخليص الجسم من هذه المواد ولكنّهم درسوا هذه المواد بصفة معزولة أي مفعول كلّ واحدة على حدة ولم يدرسوا تراكم مختلف أنواعها كما أنّ بحوثهم قد اقتصرت على انعكاسات هذه المواد على المدى القصير. إذن يتعرّض الإنسان إلى عديد الأمراض الناتجة عن تلوّث الطعام ويمكن أن يتّخذ ذلك أشكالا ومظاهر عديدة : التعفّن الجرثومي، التسمّم بالمبيدات، المضادات الحيويّة وهرمون النموّ، المواد المضافة......