تونس (الشروق) تجاوزت كلفة توريد الغاز الجزائري العام الفارط رقم المعاملات السنوي لشركة الكهرباء والغاز «الستاغ» البالغ 4500 مليون دينار. شكل هذا التحوّل منعرجا خطيرا في موازنات «الستاغ» باتت تهدد جديا بانهيار شامل لمرفق الكهرباء في تونس في حال لم تعجل الحكومة بإيجاد الآليات التي تحمي الشركة من تقلبات سوق الصرف وتضخم فاتورة توريد الغاز والنفط لتشغيل مولدات الكهرباء. ويبدو جليا أن الأزمة التي تتخبط فيها الستاغ هي نتيجة حتمية لإلغاء الدعم المسبق للكهرباء عام 2014 حين اتخذت حكومة المهدي جمعة قرارا بوقف التعامل بالاتفاقية التي كانت تخول للستاغ بوصفها مرفقا عموميا الحصول على احتياجاتها من النفط والغاز من الشركة التونسية للأنشطة البترولية وذلك بسعر تفاضلي لا يتعدّى 90 دولارا لكل خمسة براميل تدفعها الستاغ بالدينار التونسي. لجوء الى الاقتراض الخارجي وتبعا لذلك وجدت الستاغ نفسها في مواجهة مباشرة مع تقلبات سوق الصرف العالمية في فترة شهدت انحدارا متسارعا وغير مسبوق لقيمة الدينار التونسي إزاء الدولار الأمريكي الذي عرف زيادة بنحو ٪25 في سنة 2018 لوحدها. وكشفت مصادر مطلعة أن الستاغ دخلت في دوامة أخرى في خضم انحدار الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة الذي فرض عليها البحث عن آليات اقتراض خارجي لمجرد توفير العملة الصعبة اللازمة لتغطية وارداتها من النفط والغاز وهو ما يعني ضغوطات شديدة إضافية على موازنات الستاغ التي تتحمل اليوم تقلبات سوق الصرف زائد الفوائد الموظفة على القروض الخارجية؟ وفيما لوّحت الستاغ مؤخرا بقطع الكهرباء بداية من غرة أفريل القادم على حرفائها في القطاعين العام والخاص لإجبارهم على خلاص الفواتير المتخلدة بذمتهم والتي تناهز 1450 مليون دينار يبدو جليا أن هذا التوجه لن يقدم الكثير للستاغ فيما سيزيد في إضعاف القدرة الشرائية للمواطنين والقدرة التنافسية للمؤسسات الاقتصادية وهو ما سينعكس في آخر المطاف على آفاق النمو الاقتصادي الذي يسير منذ ثماني سنوات بنسق سلحفاتي. جمود نشاط التنقيب وبالنتيجة ترجح المؤشرات القائمة اليوم أن شبكة الكهرباء في تونس قد تشهد انزلاقات حادة في حال لم تعجل الحكومة بإخراج الستاغ من حسابات سوق الصرف العالمية وهو تحدي يبدو جليا أنه مرتبط بمدى قدرة الحكومة على وقف الانحدار المدوهي لإنتاج المحروقات منذ 2011 الأمر الذي فرض على تونس توريد نحو ٪55 من احتياجاتها النفطية مقابل ٪10 فحسب سنة 2010. ويعود هذا الشرخ الكبير في ميزان الطاقة بالخصوص الى جمود نشاط التنقيب عن المحروقات منذ ثماني سنوات نتيجة عدم منح ولو رخصة واحدة جديدة الى جانب كثير من الخطايا والممارسات التي أدت الى شيطنة ملف النفط ومن ثمة عزوف المستثمرين الأجانب والمحليين عن التنقيب في تونس.