لاحظ لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك أن الدينار التونسي بصدد التدرج نحو سيناريو «الجنيه المصري» غير مستبعد أن يصل اليورو إلى خمسة دنانير في غضون العام الحالي. الشروق تونس: وتابع في حوار مع «الشروق» أن الطبقة الوسطى بصدد التفكّك بسبب التضخم الموروث الناجم عن فقدان السيطرة على الدينار التونسي كامتداد للتشوهات الهيكلية التي ضربت النظام الاقتصادي والمالي في العمق وأساسا تغول الاقتصاد الموازي والهبوط الحاد لإنتاج المحروقات. أزمة المحروقات وأكد في هذا الشأن أن تراجع الدينار بنحو 25 ٪ إزاء العملة الأمريكية (الدولار) خلال العام المنقضي يعود بالدرجة الأولى إلى تضخم فاتورة توريد المحروقات امتدادا لعجز الحكومة عن تحريك جهود نشاط التنقيب منذ 2011 بما جعل تونس تورد اليوم نحو 55 ٪ من احتياجاتها مقابل 10 ٪ فحسب عام 2010. وكشف لطفي الرياحي أنه إزاء تعطل استغلال حقل «نوّارة» في الجنوب التونسي الذي تعادل مدّخراته 17 من الاستهلاك الوطني للغاز فقد تجاوزت واردات الغاز الجزائري العام الفارط رقم معاملات «الستاغ» أي ما يعادل 4500 مليون دينار بالدولار الأمريكي. وشدد من هذا المنطلق على ضرورة التعجيل بحسم تنازع الاختصاص بين الادارة العامة للطاقة ولجنة الطاقة في البرلمان حول صلاحيات منح رخص التنقيب عن المحروقات متسائلا في هذا الصدد «لحساب من ينام النفط والغاز في باطن الأرض فيما يحترق المستهلك بنار الزيادات المتكررة في أسعار المحروقات والكهرباء وكافة المواد الاستهلاكية بالنظر إلى أن الطاقة هي مكوّن أساسي للإنتاج في كل القطاعات». الأسعار التفاضلية كما دعا إلى عودة العمل بالدعم المسبق للكهرباء من خلال إحياء الاتفاقية بين «الستاغ» والشركة التونسية للأنشطة البترولية التي ألغتها الحكومة عام 2014. وحرمت بذلك الستاغ من الحصول على النفط والغاز بأسعار تفاضلية بالدينار التونسي. تركيا وآسيا ونبه لطفي الرياحي من جهة أخرى إلى المخاطر المحدقة بالدينار التونسي في خضم ما وصفه بالأيادي المرتعشة إزاء كل من تغول الاقتصاد الموازي والتوريد المتوحش للمواد الاستهلاكية خاصة من تركيا وبلدان شرق آسيا. وتابع أنه لا سبيل الى الحديث عن سياسة نقدية في ظل احتكار الاقتصاد الموازي أكثر من نصف النشاط الاقتصادي في تونس مشددا على أنه ما يملكه البنك المركزي الموازي يتجاوز بكثير حجم الاحتياطي الرسمي من العملة الصعبة. وهو ما تدعمه عدة مؤشرات منها تحديد مستحقات الدولة بأكثر من 6 مليارات من الدنانير عقب المراجعات الجبائية المعمّقة التي شملت 30 فقط من رؤوس التهريب الكبرى في نطاق الحرب على الفساد. البرلمان في قفص الاتهام ولاحظ أن البرلمان يتحمل المسؤولية الأولى في تغول البنك المركزي الموازي خاصة من خلال تعطيل مشروع قانون الطوارئ الاقتصادية ومشروع قانون العفو في جرائم الصرف منذ ما يزيد على العامين. وأكد في السياق ذاته أن ما بدأه الاقتصاد الموازي أكمله «التوريد المنظم» من خلال كثافة الواردات الاستهلاكية من آسيا وتركيا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر خاصة تحت غطاء «الفرانشيز» أو التمثيل الحصري للمنتوجات الأجنبية. ولاحظ أن تواصل المنحى التصاعدي لأزمة الميزان التجاري يعود إلى عدم ارتقاء التدابير المتخذة إلى الأبعاد الخطيرة لهذه الأزمة في ظل ضعف القرار السيادي الوطني. ودعا من هذا المنطلق إلى التعجيل بإعلان التحجير المطلق لتوريد كل المواد الاستهلاكية التي لها مثيل مصنع في تونس وإرساء نظام قوي للرقابة الفنية عند التوريد كفيل بإقصاء نحو 70 ٪ من الواردات الاستهلاكية التركية والآسيوية نظرا الى مساسها بمعايير الجودة وسلامة المستهلك. بنوك التنمية كما طالب بإعادة الاعتبار الى قطاعات الإنتاج لترميم الضرر الفادح الذي لحق القدرات الإنتاجية والتصديرية للبلاد "بفضل" تغول الاقتصاد الموازي والتوريد المكثف للمواد الاستهلاكية في الأعوام الأخيرة مشددا على إحياء بنوك التنمية وقانون التعاون الصناعي الذي يمنح العلامات الأجنبية موطئ قدم في تونس على قدر توريدها لمكونات الإنتاج المصنّعة في تونس.