القرآن الكريم هو آية الله الكبرى ومعجزته الخالدة العظمى وحجته البالغة وكلمته الدامغة ونوره الساطع وضياؤه الرائع وكتابه العزيز وقرآنه المجيد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وهو مفتاح كل خير ودليل إلى الجنة إن أوجز كان كافيا وإن أكثر كان شافيا وإن أمر كان ناصحا حلو إذا تذوّقته العقول عذب إذا تلته الألسن سبحان من أنزله حِكما وحُكما ونورا وبرهانا و تشريعا وبيانا ولعلّ أبلغ وصف لهذا الكتاب العزيز وصف النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن الحارث قال : مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأخبرته فقال : أو قد فعلوها ؟ قلت نعم قال : أمّا أنا فقد سمعت رسول الله يقول ( أما إنها ستكون فتنة قلت ما المخرج منها يا رسول الله قال : كتاب الله تعالى فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبّار قصمه الله تعالى ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله هو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه وهو الذي لم تنته الجنّ إذا سمعته حتى قالوا (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً) (الجن1/2) من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا به هدى إلى صراط مستقيم. وهو الناصح الذي لا يغشّ والهادي الذي لا يضلّ والمحدّث الذي لا يكذب وما جالس القرآن أحد إلا قام بزيادة أو نقصان: زيادة في الهدى ونقصان في الضلال. وأثر القرآن في هذه الأمة يتجلّى بوضوح في تحويلها من أمّة جاهلة إلى أمّة عالمة وناهضة شعّ نورها على البشرية قاطبة وصنع من أهل البادية رجالا للحكمة والشجاعة والذكاء والفطنة والعلم والعمل والتدبير والسياسة كما صنع من المرأة العربية امرأة العفة والطهارة والإخلاص والوفاء والصدق وحسن العشرة ومن مثل هذا الرجل ومن مثل هذه المرأة تكوّنت الأسر ونشأت منها أمة كريمة الأخلاق طاهرة الأعراق مؤمنة معتصمة بكتاب الله وسنة رسوله ففتحت في أقصر الآجال الأمصار والبلدان وأصبحت البلاد الإسلامية مترامية الأطراف فكلّ الكتب تندثر وكلّ المذاهب تهترئ وتضمحلّ ويبقى القرآن خالدا لا تؤثّر فيه الأزمنة وهو المعجزة الخالدة التي قال فيها الله تعالى:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر{9}.إنّ فضل القرآن عظيم وفضل قراءته وتدارسه أمر لا يرتقي إليه شك فهو دواء القلوب وغذاء العقول وشفاء الأرواح فقد بيّن الرسول عليه الصلاة والسلام ذلك حين قال : ( إنّ القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد فقيل يا رسول الله وما جلاؤها فقال تلاوة القرآن وذكر الموت ). فالقرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل إنه المعجزة الخالدة الباقية الذي لا تنقضي عجائبه ولا يخبو نوره الوهاج مهما حاول بعض الحاقدين عليه تشويهه والتقليل من شأنه فمن تمسّك به عاش سعيدا ومن تخلى عنه عاش عيشا ضنكا قال تعالى :( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى).(طه :123 /124 ).