أطلق الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق مبادرة تفضي الى تحالف كل مكونات العائلة الوسطية داعيا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الى الانضمام اليها، فهل تشهد الأيام القادمة تجسيدا لهذا المسار الجديد أم أن الخلافات ستزيد من تشتيت حلفاء الأمس ؟ تونس-الشروق ووجه محسن مرزوق دعوة الى الرئيس الباجي قائد السبسي الى الانضمام الى التحالف المزمع تكوينه مع حركة تحيا تونس بغية «رص الصفوف» استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة، كما وجه مرزوق الدعوة الى حزب نداء تونس للالتحاق بهذا التحالف وتابع بالقول : الى متى والحرب مفتوحة بين اشخاص كانوا في حزب واحد وساروا معا في المسار ذاته ؟ وبعد تشتت حزب نداء تونس الفائز بالانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014، الى عدد من الأحزاب التي تحمل كلها مشروعه الاصلي، تبدو من الناحية الموضوعية الدعوة في محلها لتجميع شتات النداء خاصة بعد المؤشرات الجلية التي افرزتها الانتخابات البلدية السابقة، والتي أظهرت حضورا لافتا لحركة النهضة مقابل تشتت الخزان الانتخابي لحركة نداء تونس، فهل تستجيب مكونات العائلة الوسطية، لبلورة تحالف جديد في المشهد السياسي أم أنّ حسابات «الحقل» غير مطابقة لحسابات «البيدر» كما هو الحال منذ فترة ؟ في انتظار مؤتمر نداء تونس جرت في الصائفة الماضية مشاورات أولى بين نداء تونس وحزب مشروع تونس، وأعلن القائمون على هذه المشاورات بداية احراز التقدم في اتجاه «توحيد» الكتلتين البرلمانية، غير أن هذا «المشروع» لم ير النور، بسبب ‹›الفيتو›› الذي رفعه قادة مشروع تونس على وجود المدير التنفيذي للنداء، آنذاك حافظ قائد السبسي. واثر هذه الخطوة، تسارعت الاحداث بنسق حثيث، ودفعت الى شراكة بين مشروع تونس وحزب «تحيا تونس»، انطلقت بمشاركة المشروع في الحكومة، ورفعه للتحفظات التي كان يحملها عنها. وتشير المعطيات الواردة من الكواليس الى أن مشروع تونس بات يتطلع الى ما سيسفر عنه مؤتمر حزب نداء تونس في أفريل القادم، حيث تأمل قادته في توصله الى قيادة منتخبة بشكل ديمقراطي، ويمكن البناء معها لكسب تحدي اعادة التوازن السياسي ضمن تحالف وسطي واسع. ممكن ولكن.. وسيناريو التحالف الواسع وان يبدو على الورق ممكنا بين الذين يتقاسمون نفس المشروع السياسي، فإنه على أرض الواقع مصطدم بالعديد من الصعوبات، والتي تهم رؤية كل حزب لهذا التحالف الممكن. فالتحالف ممكن بين حزبي «تحيا تونس» ونداء تونس ، لكن الحديث بشأنه راهنا يبدو باكرا، وذلك في ظل تواصل الخلافات بين الحزبين، وتصاعد التصريحات من هنا وهناك والتي تؤكد الاختلاف الواسع في وجهات النظر، سيما بعد تشكيك الشاهد في وقت سابق في انعقاد مؤتمر نداء تونس، وفي ظل تواصل الرفض الندائي لمضي الشاهد في تشكيل مشروع سياسي يتهمونه فيه ب"السطو على النداء". هذه الحالة من التشكيك تؤدي حتما الى تعطيل التحالف الممكن بين الحزبين، وتزداد الصعوبات فيها سيما وأن نداء تونس لم يعقد مؤتمره الانتخابي الأول، و كذلك حزب «تحيا تونس» الذي لم يكشف برنامجه السياسي بعد. وأمام حالة الغموض المتواصلة بخصوص «حلم تجميع العائلة الوسطية» تقف أحزاب وسطية اخرى وقفة التأمل قبل الحسم في تموقعها، وما يزيد الوضع صعوبة أن هذه الأحزاب بدورها تطرح مشاريع اخرى لتجميع العائلة الوسطية، على غرار حزب البديل التونسي والذي عبرمؤخرا عن رفضه الانصهار مع اي حزب من الاحزاب، وعمله المتواصل على تجميع مكونات العائلة الوسطية، والامر ذاته ينسحب على حزب آفاق تونس واحزاب أخرى. في المحصلة، تبدو دعوة محسن مرزوق مستجيبة لشروط التحالف الموضوعي، غير أن بقاء المشهد السياسي محكوم بالحسابات الشخصية ينذر بإبطال كل مشاريع تحالف مكونات العائلة الوسطية خاصة وأن الوقت المتبقي على إجراء الانتخابات لم يعد يفصلنا عنه وقت كبير.