تونس الشروق:: تعدّى الجدال بشأن ملف عودة الارهابيين الى تونس مستوى الانقسام حول التأييد والرفض الى السؤال حول مدى استعداد الدولة للتعاطي معه، فهل استعدت تونس الى معالجة ملف عودة الارهابيين؟ بدرة قعلول (رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية) تساهل في معالجة ملف خطير إن المقاربة الأمنية و القانونية فحسب في مجابهة ملف عودة الارهابيين لا تفي بالغرض، فهؤلاء الارهابيون الذين هادنوا مع الدم والقتل البشع والجرائم الشنيعة لم يعودوا الى البلاد وفق ارادتهم بل وفق انقلاب المعادلة التي قضت بتقهقر تنظيماتهم ، وهذا معطى مهم يؤكد خطورتهم. للأسف فإن تونس لم تعد مقاربة شاملة لمعالجة ملف عودة الارهابيين، فالاقتصار عن الحديث بشأن تكوين قضاة و أمنيين في الموضوع غير كاف، وكنا نتطلع الى تشييد معسكرات و معاقل معزولة وبنى تحتية تستوعب هذه العودة. وللاسف ايضا، فإن الدولة تتساهل في التعاطي مع هذا الملف الحساس، فهل قدمنا مقاربات تهم تشريك الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين و المختصين في الشأن الديني وغيرهم في برامج تأهيل خاصة لابناء الارهابيين و أسرهم ؟ أم اننا سنودع هؤلاء الارهابيين في ذات السجون التي تعج بسجناء الحق العام والذي فاقت درجة استيعابهم في بعض السجون نسبة 170 في المائة. صراحة التعاطي مع ملف عودة الارهابيين يلفه استبلاه كبير للشعب التونسي، واتساءل هنا عن الالف ارهابي الذين عادوا وعلى أي اساس وقع تصنيف درجات خطورتهم، وأي اساس ايضا اعتمدناه في الجزم بارهابية اولئك الذين عادوا حاملين لجوازات سفر مزورة. الثابت والاكيد أن ملف مقاربة التعاطي مع الارهابيين العائدين يقبع في الادراج ويتم تحريكه بين الفينة و الاخرى بتناول سطحي وتعويم من خلال تكوين اللجان، والحال اننا نواجه خطرا غير محمود العواقب. إنّ مسألة عودة الارهابيين الى أوطانهم انطلقت منذ جوان 2018 حين دعا الأمين العام للامم المتحدة كل دولة الى إعادة ارهابييها من مناطق القتال وتحمّل المسؤوليات كاملة ورفضت اغلب الدول ذلك القرار رغم امكانياتهم الضخمة فيما التزمت تونس الصمت . والغريب في الأمر أن عددا من الدراسات أكدت ان غالبية الخاضعين الى تجربتي التأهيل الجزائرية « الوفاق المدني» و «المناصحة» في السعودية عادوا الى ارتكاب أبشع الجرائم الارهابية، فماهي نوعية التأهيل التي تتبناها تونس ؟ عماد بالحاج خليفة(الناطق الرسمي باسم الاتحاد التونسي لنقابات قوات الأمن الداخلي) المطلوب تكاتف الجهود المقاربة الأمنية و القضائية التونسية في التعاطي مع ملف عودة الارهابيين يمكن وصفها بالمحترمة ، و اشدد هنا على أن الوحدات الامنية كانت ولا تزال في خط متقدم في مواجهة الارهاب. ويمكن القول إن المؤسسة الامنية اكتسبت خبرة وتكوينا في التعاطي مع الارهابيين ومختلف ممارساتهم التمويهية وبوسعها أن تضطلع بدورها كاملا في مقاربة التوقي من مخاطر الارهابيين العائدين. لكن في المقابل لابد من تكاتف كل الجهود و اصطفاف كل التونسيين وراء دعم المؤسستين الأمنية و العسكرية، وكذلك نزول كل الاطراف المعنية بالملف بثقلها واعني هنا المؤسسة السجنية و المؤسسة الدينية و الدور الاجتماعي النفسي ليكون التعاطي مع هؤلاء ناجعا. ومن الواجب أن نقدم رسائل طمأنة للتونسيين الذين كانوا دوما في صف دحر الارهاب من بلادهم لكن من الحكمة ايضا أن نشير الى تواصل الخطر الارهابي والذي كشفته العمليات الارهابية الاخيرة ومنها ملف الرسائل المسمومة واعتداء الارهابي عادل الغندري على قاض، حيث تبين هذه الاحداث أن هؤلاء الارهابيين لا يرتدعون . الدور الأمني في التعاطي مع مجابهة الارهاب والتعامل مع عودة الارهابيين يمكن الجزم فيه بوجود استعدادات كبرى لانجاح التعاطي مع هذا الملف وتبادل المعلومات الامنية الاستخباراتية فيه، وكل شخص يشتبه في تورطه في أعمال إرهابية خارج تونس، سيتم سماعه والتعامل معه على أنه إرهابي وفق قانون الإرهاب . وأؤكد أن المؤسسة الأمنية واعية بالحيل التي يمكن لهؤلاء توخيها لمغالطة السلطات بشأن وجودهم في سوريا والعراق كالحصول على شهائد تربص أو دراسة مزورة من تركيا، ونأمل في ان تنسج باقي المؤسسات على نفس المنوال لنقي تونس من خطر الارهاب.