دخل الجيش الجزائري على خط جدل «العهدة الخامسة» والاحتجاجات التي ترافقها معلنا عن عدم سماحه بالعودة الى ما أسماها «الحقبة السوداء»،وذلك في وقت تواصلت فيه المظاهرات الرافضة لترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي يتواجد في سويسرا للعلاج. وعلى وقع احتجاجات تلمذية وطلابية،أكد رئيس أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح، امس، أن الجيش سيضمن الأمن في البلاد ولن يسمح بعودة الجزائر إلى حقبة سفك الدماء. وقال صالح، في كلمة متلفزة ، إن «بعض الأطراف يزعجها بأن تكون الجزائر آمنة ومستقرة، بل يريدون أن يعودوا بها إلى سنوات الألم وسنوات الجمر». وأضاف أن الشعب الجزائري عاش خلال هذه السنوات «كل أشكال المعاناة ودفع خلالها ثمنا غاليا»، في إشارة إلى ما يطلق عليه «العشرية السوداء» التي شهدت خلالها الجزائر صراعا بدأ في جانفي 1992. وأوضح صالح أن «الشعب الأصيل الذي عاش تلك الظروف الصعبة، وأدرك ويلاتها، لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يفرط في نعمة الأمة ونعمة راحة البال». وأضاف: «إننا ندرك أن هذا الأمن المستتب وهذا الاستقرار الثابت الركائز سيزداد تجذرا وسيزداد ترسيخا وسيبقى الشعب الجزائري يرفل في ظل هذه النعمة وسيبقى الجيش الجزائري ماسكا بزمام ومقاليد إرساء هذا المكسب الغالي». ودعا صالح إلى ضرورة «القضاء على الإرهاب وإفشال أهدافه بفضل استراتيجية شاملة وعقلانية، ثم بفضل التصدي الحازم الذي أبداه الشعب الجزائر وفي طليعته الجيش». ويبدو أن تطور المظاهرات في الجزائر وانخراط شرائح مختلفة فيها بالإضافة الى الحديث عن جمعة ثالثة ينوي المحتجين تنفيذها بغد غد الجمعة وبدأوا يحشدون لها،قد أخرج المؤسسة العسكرية في الجزائر عن صمتها بل وبالتأكيد أنها لن تسمح بالعودة إلى مسار سفك الدماء. و لا يزال الشارع الجزائري غاضبا على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، رغم كل الوعود التي جاءت في نص الرسالة التي وجهها الرئيس للجزائريين. وتظاهر أمس طلبة الجامعات الجزائرية للتعبير عن رفضهم للعهدة الخامسة، والضغط على المجلس الدستوري لرفض ملف المترشح عبد العزيز بوتفليقة وخرج آلاف الطلبة بعدة مدن عبر ولايات البلاد، من بينها الجزائر العاصمة، التي ردّد فيها المحتجون عدة شعارات كان من أبرزها «ماكانش الخامسة يا بوتفليقة». وشهدت ساحة «موريس أودان» والبريد المركزي بقلب الجزائر العاصمة، تظاهرة حاشدة لطلبة الجامعة المركزية، بمشاركة زملائهم من جامعات وكليات أخرى حاولوا الوصول إلى وسط العاصمة بكل الطرق بالرغم من إغلاق كافة المنافد، وسط انتشار كثيف لعناصر الشرطة وقوات مكافحة الشغب التي شكلت طوقًا أمنيًا بشارع محمد الخامس، المؤدي إلى قصر المرادية. واعتبر عدد كبير من المحتجين أن رسالة بوتفليقة الموجهة للشعب على لسان مدير حملته الانتخابية، عبد الغني زعلان، مجرد «مناورة» هدفها «الالتفاف» على حركة الاحتجاج الرافضة لبقائه في الحكم. وفي السياق ذاته دعا نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الدخول في عصيان مدني بالجزائر إلى حين استجابة الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، والتراجع عن الترشح لعهدة رئاسية خامسة. ويستعد المتظاهرون الرافضون للعهدة الخامسة لبوتفليقة لجمعة ثالثة من الغضب،بعد الجمعة 22 فيفري و يوم 1 مارس ،للضغط باتجاه تخلي بوتفليقة عن ترشحه ،وسط تحذيرات متزايدة من انزلاق وانفلات الأمور نحو المسار الخاطئ رغم تأكيد المتظاهرين على تمسكهم بالسلمية إلى آخر رمق. ويبدو أن الجزائر أمام منعرج تاريخي لم تعرفه البلاد منذ انتهاء «العشرية السوداء»،وأمام سيناريهوين لا ثالث لهما فإما الاستمرارية والإصلاح أو التغيير والبناء من جديد، وكلاهما له ثمن .