تفاديا لتشتت الأصوات داخل العائلة السياسية الواحدة، اقترح حزب حركة الشعب مبادرة ترمي الى اجماع القوى التقدمية وأحزاب المعارضة على مرشح واحد في الانتخابات الرئاسية، فما هي حظوظ هذه المبادرة وهل تستجيب لها الاطراف المعنية بها ؟ تونس-الشروق- واقترح حزب حركة الشعب أول أمس مبادرة ترمي الى الاجماع حول مرشح وحيد توافقي للانتخابات الرئاسية من بين القوى التقدمية و أحزاب المعارضة تفاديا لتشتت أصواتها على عدة مترشحين. وأوضح الأمين العام لحزب حركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح ل"الشروق" أن مبادرة اختيار قوى المعارضة لمرشح وحيد توافقي، جاءت من منطلق اعتبار الانتخابات القادمة استحقاقا وطنيا وليس سياسيا فحسب، لافتا الى أن موازين القوى تميل الى صالح قوى اليمين حاليا وهو مايتطلب توحيد قوى المعارضة الوطنية. وشدد المغزاوي على أن تعدد الترشحات للقوى المعارضة في الانتخابات الرئاسية القادمة سيجعلها تنهل من نفس الخزان الانتخابي لتتشتت بذلك الاصوات بينها، وبالتالي تحرم نفسها من فرصة الفوز في هذه الانتخابات مشيرا الى أن حزبه سيقدم كل التنازلات الضرورية لانجاح هذه المبادرة، فهل ثمة فرصة حقيقية متوفرة اليوم في المشهد السياسي تساعد على نجاح هذه المبادرة ؟ أرضية مساعدة إن المتأمل في توازنات المشهد السياسي الحالي يلاحظ بشكل لافت تشتت قوى المعارضة، من ذلك أن توزعهم في البرلمان يكشف هذا التشتت بين كتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية ونواب آخرين مستقلين عن الكتل فضلا عن قوى اخرى غير ممثلة برلمانيا. وتدفع القراءة الموضوعية لنتائج الانتخابات السابقة وآخرها الانتخابات البلدية الى بيان عدم تجانس قوى المعارضة، وعدم التجانس هذا ا كان سببا مباشرا في حصولهم على نتائج دون المأمول، فباستثناء نسبي لحزب التيار الديمقراطي وائتلاف الجبهة الشعبية حلت مختلف الأحزاب المشاركة في الاستحقاق البلدي في المراكز الاخيرة. وتكرار هذه النتائج السلبية من انتخابات الى اخرى يوفر دوافع محفزة للقوى المعارضة نحو البناء المشترك والتوحد في اطار جامع و قوي يمنحهم فرصة التنافس الجدي في الانتخابات القادمة سواء تعلق الأمر بالانتخابات التشريعية والرئاسية. صعوبات ولئن تبدو فكرة اجماع أحزاب المعارضة على مرشح توافقي نظريا محمودة ، فانها على مستوى الممارسة لا تخلو من صعوبات عدة ومعرقلات متعددة، أهمها غياب الآليات الكفيلة بالوصول الى ارضية مشتركة بين هذه الاحزاب، وفي هذا السياق يرى الامين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي في تصريحه ل"الشروق" أن مبادرة حركة الشعب جيدة وسيتفاعلون معها بايجابية مشيرا الى وجود صعوبات كبيرة في فقدان آليات هذا الاجماع خاصة و أن محاولات عديدة جرت في السابق في هذا السياق وباءت بالفشل. ومن الصعوبات التي تعترض اجماع احزاب المعارضة على مرشح وحيد توافقي في الرئاسية وجود نرجسية بين مختلف قياداتها، وفي هذا السياق يؤكد الامين العام لحزب حركة الشعب زهير المغزاوي التفاعل السلبي لبعض مكونات المعارضة مع مشاورات سابقة في سياق توحيد المعارضة. وللتقليل من هذه الصعوبات يقترح زهير المغزاوي توفير الحد الادنى من التوافقات من خلال اقتراح قائمة معايير ومقاييس يتم وفقها اختيار مرشح وحيد على الاقل للانتخابات الرئاسية. كما يمثل غياب الوعي الحقيقي وايثار المصلحة الوطنية على حساب المصالح الضيقة معيقا اضافيا لتحقق هذا المقترح سيما وان تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس ماتزال حديثة النشأة وأن أغلب الاحزاب المعارضة فيها في بداية طريق الممارسة السياسية العلنية، وهو عامل اضافي يؤجل تحقيق هذا المسعى. وفي هذا السياق يرى الامين العام لحزب التيار الشعبي و القيادي في الجبهة الشعبية زهير حمدي في تصريحه ل"لشروق" أن الجبهة الشعبية منفتحة على هذه المبادرة غير انها اليوم بصدد مناقشة اختيار مرشح من صلبها. وشدد زهير حمدي على أن الصعوبات التي تعترض الاجماع على مرشح وحيد توافقي تكمن في عدم النضج السياسي وفقدان الوعي الكافي و تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة مضيفا بأنه بين الطرح النظري والممارسة الديمقراطية صعوبات عديدة ومتعددة. في المحصلة تدفع النتائج الهزيلة للقوى المعارضة في الانتخابات السابقة الى ضرورة التوحد في شكل تحالفات وائتلافات وتوافقات تقضي بتعزيز حضورها في المشهد السياسي، غير أن هذه المهمة ليست سهلة بالمرة أمام غياب الارضية المشتركة لذلك وطغيان النرجسية لدى عدد من قياداتها.