نبّه رئيس الجمهورية أول أمس في اجتماع مجلس الأمن القومي الى عدم تمديده في حالة الطوارئ يوم 4 أفريل القادم، وهو ما أثار ردود فعل مختلفة. تونس «الشروق» فاضل الطياشي أثار اعلان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عدم التمديد مستقبلا في حالة الطوارئ جملة من التساؤلات حول ما قد ينجر عن ذلك من تطورات في المرحلة القادمة ذات علاقة بالوضعين السياسي والأمني في البلاد. إيقاف التمديد وكان رئيس الجمهورية قد أكد في اجتماع مجلس الامن القومي أول امس الاثنين أنه وجّه مراسلة لرئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر وأعلمه فيها بأنه لن يمدّد في حالة الطوارئ بداية من 4 أفريل القادم، معتبرا أن «المسألة خرجت عن نطاقه». وجدد بالمناسبة الدعوة إلى إيقاف العمل بالقانون الحالي ( أمر 1978) المنظم لحالة الطوارئ الذي وصفه ب»غير الدستوري». وأشار رئيس الجمهورية بالمناسبة إلى مشروع القانون الذي وقع تقديمه ووافقت عليه الحكومة وأحالته الى مجلس نواب الشعب منذ 4 أشهر لكن لم يقع النظر فيه والتصويت عليه امام المجلس ليتواصل العمل بأمر سنة 1978 . وقال رئيس الجمهورية ان مواصلة العمل بهذا الأمر فرضته ضرورة تسهيل عمل الحكومة وتسهيل عمل الدولة بشكل عام. مخاطر ومخاوف هذا القرار أثار مخاوف عديدة لدى مختلف المتابعين بالقول أنه قد يفتح الباب على مصراعيه أمام تزايد مختلف المخاطر المُحدقة بالبلاد أبرزها خطر الارهاب. فالدولة تمكنت في السنوات الأخيرة من السيطرة على الوضع من خلال ما تقوم به من عمليات استباقية ومن خلال إيقاف عديد العناصر الارهابية وكذلك عبر الاجراءات الاحتياطية الهامة على الحدود، وساعدها في ذلك الاجراءات التي تسمح لها حالة الطوارئ. ورغم كل ذلك لم ينته الخطر تماما بشهادة أغلب المختصين في شؤون الارهاب وهو ما يتطلب مواصلة التمشي نفسه وبالحزم نفسه خاصة امام تواصل تواجد العناصر الارهابية في المناطق الجبلية إلى جانب الخلايا النائمة في بعض الاحياء والمدن. ومن جهة أخرى نجحت الدولة في السنوات الاخيرة – ولو نسبيا- في محاربة الفساد وساعدها على ذلك أيضا تطبيق حالة الطوارئ التي تسمح بإيقاف بعض الفاسدين ووضعهم تحت الإقامة الجبرية. قانون جديد كل ذلك يتطلب في رأي المراقبين عدم التخلي عن هذه الآلية الهامة ومواصلة العمل بها ولو استنادا إلى أمر 1978 في انتظار سن القانون الجديد. لكن من جهة أخرى ستتجه كل الانظار اليوم إلى مجلس نواب الشعب الذي عليه تحمل جانب من المسؤولية والتعجيل بالنظر في مشروع القانون الجديد والتصويت عليه ليتم سنّه نهائيا وتنتهي بذلك هذه الازمة التي طال انتظارها. حسابات سياسية؟ البعض تحدث عن البعد السياسي لهذا الاعلان من رئيس الجمهورية بالقول أنه في إطار تصفية حسابات سياسية وتحديدا لسحب البساط من تحت رئيس الحكومة حتى لا يواصل «استثمار» حالة الطوارئ كورقة سياسية لتلميع صورته استعدادا للانتخابات القادمة وذلك من خلال الإيقافات ووضع الأشخاص تحت الإقامة الجبرية في إطار الحرب على الفساد. كما أشار البعض أيضا إلى أن اعلان رئيس الجمهورية عدم تجديد حالة الطوارئ قد تكون الغاية منه السماح بتقديم لائحة لوم ضد الحكومة لان الفصل 80 من الدستور ينص على انه في حالة الطوارئ لا يمكن تقديم لائحة لوم ضد الحكومة ولا يمكن لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب. هذا الموقف لا يسانده شق آخر من المتابعين وذلك بالقول أن اعلان رئيس الجمهورية عدم التمديد المرة القادمة في حالة الطوارئ يأتي في إطار مزيد الضغط على مجلس نواب الشعب للتعجيل بالنظر في مشروع القانون الجديد وأيضا لإيقاف حملة الانتقادات التي أصبحت تستهدف رئيس الجمهورية من أطراف حقوقية وسياسية داخلية ودولية تتهمه بخرق الدستور في اعلان حالة الطوارئ لانه يستند إلى أمر غير دستوري (أمر 1978) يتعارض مع حقوق الانسان ومع مبادئ الحقوق والحريات التي أتى بها دستور 2014. ويذهب عديد المتابعين حد القول أن هذا القرار غير حكيم خصوصا أن الوضع غير مستقرّ في ظل التهديدات الإرهابية ويجب التمديد في حالة الطوارئ حتى في صورة عدم سنّ القانون الجديد وذلك بسبب المخاطر التي قد تحصل في صورة حدوث فراغ في هذا المجال . مخاطر تستوجب عدم إيقاف العمل بحالة الطوارئ - تواصل تواجد الارهابيين في عديد المناطق الجبلية أبرزها الشعانبي والمغيلة وسمامة وبعض جبال جندوبة والكاف. - تواصل تواجد خلايا ارهابية نائمة في بعض الأحياء والمدن. - تواصل خطر امكانية تسلل عناصر ارهابية عبر المناطق الحدودية خاصة البرية إلى جانب مخاطر التهريب لا سيما تهريب الأسلحة. - تواصل التهديدات الارهابية التي تطال عديد الاطراف من سياسيين واعلاميين وغيرهم. - تواصل مخاطر الفساد وعدم استقرار الوضع الامني الداخلي عموما باعتبار ان حالة الطوارئ تسمح بالتصدي لعديد المخاطر ذات العلاقة بمحاربة الفساد وبتحقيق الهدوء والاستقرار في حالات الفوضى والعنف التي قد تحصل لسبب من الأسباب. تطورات حالة الطوارئ في تونس قبل 2011 وقع اللجوء مرة واحدة لحالة الطوارئ وذلك بمناسبة أحداث جانفي 1978 من خلال امر اتخذه الرئيس بورقيبة يوم 26 جانفي. وبعد ذلك وقع اللجوء إلى حالة الطوارئ مرة ثانية يوم 14 جانفي 2011 ثم وقع إيقاف العمل بها يوم 17 فيفري 2014 في عهد حكومة مهدي جمعة بقرار جمهوري. وفي نوفمبر 2015 تم اعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة 30 يوماً، وذلك اثر العملية الإرهابية التي استهدفت حافلة للأمن الرئاسي في شارع محمد الخامس في قلب العاصمة. ومنذ ذلك التاريخ لم تُرفع حالة الطوارئ حيث يقع التمديد فيها باستمرار إلى حدود الأسبوع الماضي عندما وقع التمديد فيها لمدة شهر ينتهي مطلع أفريل القادم. الطوارئ في الدستور والقانون الفصل 80 من الدستور: لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية. أمر 26 جانفي 1978: ويجيز إعلان حالة الطوارئ على كامل تراب الجمهورية أو بعضه إما في حالة خطر داهم ناتج عن نيل خطير من النظام العام وإما في حال وقوع أحداث تكتسي بخطورتها صبغة كارثة عامة. ويمنح قانون الطوارئ وزير الداخلية صلاحيات وضع الأشخاص تحت الإقامة الجبرية، وحظر التجول، وتفتيش المحلات، ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية، دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء. ويمنح للوالي صلاحيات استثنائية واسعة، مثل فرض حظر تجوال على الأشخاص والعربات ومنع الإضرابات العمالية. وقد تمت الدعوة منذ سنوات لتعديل هذا الأمر المنظم لحالة الطوارئ ولسن قانون جديد. ويوجد اليوم في مجلس نواب الشعب مشروع قانون في الغرض لكن لم يقع النظر فيه إلى اليوم. وللإشارة فان تطبيق قانون جديد للطوارئ يتطلب ارساء المحكمة الدستورية وفق ما ينص عليه الفصل 80 من الدستور وهو ما قد يكون عطل اصدار هذا القانون الجديد.