في الوقت الذي استفحل فيه الفساد في تونس واضر بالبلاد ضررا كبيرا مازالت اموال طائلة «هاربة» عن الدولة يمكن ان تستعملها في حل مشكلة الصحة و«شفاء» المؤسسات الاستشفائية التي انهكها «المرض» جراء قلة الامكانيات رغم ان ميزانية الصحة تحتل المرتبة الرابعة في سلم ترتيب الميزانيات بين الوزارات. اموال طائلة لم تطل منها الدولة فلسا واحدا وبقي «المستولون» عليها ينعمون بالحرية ويواصلون استثماراتهم التي في اغلبها نمت بعرق الشعب وبمقدرات تونس والتمتع بكل امتيازاتهم في حين يرزح الشعب تحت طائلة غلاء الاسعار وقلة الامكانيات التي بها يجابه تكاليف الحياة .. ابرز قضية فساد تضررت منها اتصالات تونس التي تلاعب بها المتلاعبون حتى بعد الثورة حين ورطوها في اقتناء شركة مفلسة هي «غو مالطا» وصوروه على انه فتح عظيم في حين ان مالطا لا تعد سوقا مهمة بالنسبة لاتصالات تونس ولا فائدة ترجى منها بالنظر الى ضعف تعداد سكانها وكثرة الشركات المنافسة. نهب مكشوف قبل سنوات راجت في سوق الاتصالات في تونس «بطاقات هاتف» باسم عليسة ولئن بنت هذه الاخيرة تونس فان الشركة المروجة لتلك البطاقات كمشغل افتراضي نهبت تونس ودمرت ال«تيليكوم» واستنزفت مقدراتها في عملية تحيل واضحة المعالم تم خلالها اغتصاب القانون بطريقة فظيعة وبعد الثورة سعت «اتصالات تونس» لاسترداد حقوقها ورفعت قضية عدلية ضد شركة DISTRICOM المستفيدة من تلك البطاقات ومن البنى التحتية لاتصالات تونس ومن اشياء اخرى درت عليها المليارات اذ تقدم المكلف العام بنزاعات الدولة بشكاية ضد الرئيس المدير العام السابق لاتصالات تونس منتصر وايلي و جليلة الطرابلسي ونبيل الشايبي مستندا الى الخروقات التي شابت العقد الذي أبرمته «تيلكوم» مع شركة DISTRICOM التابعة لنبيل الشايبي ليسترد حقوق شركة اتصالات تونس. إخلالات فظيعة استند المكلف العام بنزاعات الدولة في شكايته لصالح اتصالات تونس ضد منتصر وايلي ونبيل الشايبي وجليلة الطرابلسي على وجود عدّة تجاوزات و إخلالات تتمثل أساسا في عدم احترام النظام الداخلي للصفقات المعمول به بشركة اتصالات تونس وذلك بإبرام عقد دون اعلان طلب عروض أو استشارة بين الموزعين المختصين ودون عرضه على مجلس الإدارة رغم ضخامة قيمته المالية بل والاكثر غرابة ان العقد ابرم مع شركة DISTRICOM قبل حتى ان تتأسس اذ لم تكن اصلا موجودة في تاريخ إبرام العقد وتم تمتيعها بالصفة الحصرية لتوزيع منتوج «عليسة» بكامل تراب الجمهورية مع تخويلها حرية توزيع منتوجات راجعة للشركات المنافسة لشركة اتصالات تونس بنفس نقاط البيع واكثر من ذلك تم تمتيع شركة DISTRICOM بتسبقات من شركة اتصالات تونس دون توفير ضمانات مالية مقابل ذلك ولان «اتصالات تونس» في عهد منتصر وايلي اشبه لديه بالبقرة الحلوب وارضاء لنبيل الشايبي المقرب من النظام السابق تم لاحقا تحميل المشغل الوطني بالأعباء البنكية للضمان الممنوح لها من عقدها مع شركةDISTRICOM يعني ان نبيل الشايبي وشركته داخلان الربح خارجان من الخسارة وزاد وايلي في عبثه ليبرم عقدا مخالفا في مدته للترتيبات القانونية لمدد العقود حسب ما ينص عليه نظام العمل في اتصالات تونس حيث كانت مدة العقد الممضى مع شركة نبيل الشايبي «ديستريكوم» محددة بخمس سنوات والحال أن باقي العقود التي أبرمتها شركة اتصالات تونس مع باقي الموزعين على غرار شركة «آل سات» و شركة «ميدكوم» و شركة «سال كوم» كان لمدة أقصاها ثلاث سنوات. ضمان حقوق طرف وحيد عند امضاء العقد وليضمن منتصر وايلي حقوق نبيل الشايبي هذا ان اعتبرنا كل ذلك يدخل في اطار الحقوق نص العقد المبرم مع شركة «ديستريكوم» أن قطع العلاقة من جانب شركة اتصالات تونس لأي سبب كان لا يمكن أن يتم إلا بعد سنة من التنبيه على معاقدتها المذكورة خلافا لما هو معمول به مع باقي الموزعين و الذي لا تتجاوز فيه مدة التنبيه الثلاثة أشهر وطبعا كان هذا الفارق الكبير في المدة يكفي شركة ديستريكوم لمزيد نهب اتصالات تونس ان تقرر تحت أي ظرف من الظروف فسخ العقد معها اما ان «تجرّأت» اتصالات تونس على فسخ العقد بارداة منفردة فان نبيل الشايبي وشركته يغنمان غرامة كبيرة من المشغل الوطني. تشمل قيمة ما أنجزته شركة «ديستريكوم» من استثمارات او بعبارة اصح من «سرفات» ونهب لمال شركة وطنية تعود الى كل تونسي وزاد الشايبي ووايلي في عبثهما بالمؤسسة الوطنية وبمقدراتها من خلال تحميلها غرامات تسريح العمال وقيمة الأرباح التي من الممكن تحقيقها لو تواصلت العلاقة وهو أمر غير معمول به مطلقا مع باقي الموزعين ولا تتضمن العقود المبرمة معهم أي اتفاق حول أي غرامة تعويضية في مثل تلك الحالة بل انه امر غير معمول به في كل العقود التي تجب فيها مراعاة مصالح كل الاطراف لانه وفق هذا البند فان شركة «ديستريكوم» سواء استغلت او لم تشتغل فان ارباحها حاصلة بل وكان الرجلان استبقا أي اقالة لمنتصر وايلي انذاك فكبّلا من سيأتي بعده بشروط مجحفة لا يمكن له التملص منها الا اذا قرر القاء مقدرات اتصالات تونس في الماء ورميها في مهب الريح. جريمة كاملة الأوصاف لم تكف نبيل الشايبي ومنتصر وايلي كل تلك التلاعبات وكل تلك «الضمانات» التي وفراها لشركة «ديستريكوم» بل زاداها «كرما على كرم» بتحميل اتصالات تونس معاليم كراء نقاط التوزيع أي «الأكشاك» التي وفرتها ايضا شركة اتصالات تونس وذلك بموجب العقد المبرم مع شركة «كيوسك كونسابت» التابعة لجليلة الطرابلسي وهو أمر لم يتمّ العمل به مع باقي الموزعين الذين تحملوا بمفردهم تكاليف توفير نقاط التوزيع أي ان اتصالات تونس بفضل وايلي وفرت بناها التحتية لتشتغل عليها «عليسة» وزادت فوفرت لها الاكشاك ثم دفعت معاليم كراء الاماكن التي ستنتصب فوقها تلك الاكشاك كما تم منح «ديستريكوم» نسبة ارباح تفوق تلك الممنوحة لغيرها من الموزعين الذين تعاقدت معهم شركة اتصالات تونس. هل يعود حق اتصالات تونس الضائع؟ لئن قرر قاضي التحقيق حفظ التهمة فان المكلف العام بنزاعات الدولة وشركة اتصالات تونس قررا استئناف قرار ختم البحث وأصدرت دائرة الاتهام قرارها في فيفري 2018 يقضي بنقض قرار ختم البحث وتوجيه تهمة الفصل 96 من المجلة الجزائية على منتصر وايلي و المشاركة في ذلك على نبيل الشايبي والحفظ في حق جليلة الطرابلسي لان دورها يتعلق بموضوع شركة كيوسك كونسابت وسبق محاكمتها من اجل ذلك في اطار قضية مستقلة. وقد تولى نبيل الشايبي الطعن بالتعقيب في قرار دائرة الاتهام وقضت محكمة التعقيب برفض مطلبه أصلا بتاريخ في 5 فيفري الفارط. وبموجب ذلك سيتم إحالة القضية على الدائرة الجنائية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي بمحكمة تونس الابتدائية.