تحيي تونس اليوم، اليوم العالمي للأشخاص الحاملين لمتلازمة داون في ظل تهميش واضح وصريح من الدولة لوضعيات 200 تونسي يولدون سنويا حاملين لهذا التغير الكروموزومي... تونس الشروق هي امرأة تونسية تعاني مثل ملايين الأمهات من متاعب الحياة اليومية التي فرضتها السياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الشعب التونسي. ولكنها وفي الان نفسه، عليها ان تساير نسق حياة طفل يحمل هذا التغير الكروموزومي. لم يثنها هذا الجهد من النزول الى شارع الحبيب بورقيبة لإحياء ذكرى عيد الاستقلال متوشحه بالعلم المفدى وملازمة لابنها الذي يرى في هذا اليوم اثباتا لذاته كتونسي حر ومستقل في كيانه ووجدانه وكبريائه ووطنه. وبالعودة للأرقام، هم ما يناهز المائتي تونسي يولدون سنويا حاملين لهذا التغير الجيني. ارقام كشفت عنها واحدة من أكبر المختصين في تونس وهي أستاذة الطب حبيبة بوحامد الشعبوني. وبعملية حسابية بسيطة يبدو ان تونس تعد ما لا يقل عن 15 الف حامل لهذا التغير الكروموزمي. تغير لا يجد لا لدى الحكومة و لا لدى الجمهور العريض نفس الوقع الذي لدى العائلات. و الحقيقة ان المرأة التي تحدثت لها يوم امس بشارع الزعيم الحبيب بورقيبة تؤكد هذه المرارة اذ ان جمعية فقط في تونس تحاول جاهدة للتأسيس لمقاربة أخرى في التعامل مع هذه الشريحة. هذه الجمعية هي الجمعية التونسية للأشخاص الحاملين لملازمة داون. جمعية يسهر على تسييرها الناشط المجتمعي عمر موسكو و الذي نجح بإمكانيات متواضعة في بعث مركز لتكوين الأشخاص الحاملين لهذا التغير الكرموزومي بغرض تأهليهم للاندماج في الحياة المهنية. تجاهل... تذهب منظمة الصحة العالمية الى اعتبار ان « هناك العديد من الأمراض الوراثية الناتجة عن خلل الكروموسومات سواء في العدد أو التركيب، ومن أشهرها متلازمة داون، والتي تنتج عن زيادة في إجمالي عدد الكروموسومات ليصبح" 47كروموسوم" وتكون الزيادة في الكروموسوم رقم 21، حيث أن هذه الزيادة إما نسخة إضافية كاملة أو جزئية، لذلك تحليل الكروموسومات يعتبر عاملا مهما في تشخيص هذه الحالات الوراثية. تعتبر هذه الزيادة في المادة الوراثية العامل الأساسي في تغيير مسار النمو الطبيعي، وكذلك ظهور بعض الصفات المميزة كالسمات التي تظهر في الوجه والكفين وقصر القامة وضعف عام في قدرة العضلات على الانقباض والانبساط، و لأن هذه الصفات لا تظهر جميعها في كل المصابين بمتلازمة داون، فيعتبر كل شخص مصاب بمتلازمة داون شخصا فريدا من نوعه بمجال واسع من الأعراض والصفات التي قد تتشابه مع بعض أقرانه من المصابين بداون أو لا». و في تونس تشكو جميع العائلات من غياب بنية تحتية طبية قارة على اعانتهم على الاعتناء بهذه الشريحة. و يجمع كل الخبراء و المختصين ان الدولة التونسية لا توفر الحد الأدنى المطلوب و هي مقاييس منظمة الصحة العالمية و المتمثلة في توفير الرعاية الصحية الجيدة للطفل المصاب ب متلازمة داون، وذلك لاكتشاف الأمراض التي يتعرض لها فور حدوثها، ومحاولة الحد من إصابته بالعدوى المتكررة، مثلا بإعطائه التطعيمات المهمة و التعليم و التدريب اذ ان الطفل يجب ان يتعلم في مدارس خاصة إذا كانت درجة الاعاقة كبيرة ، كما يمكن له الاندماج في المدارس العادية إذا كان مستواه الذهني في حدود المتوسط و إعادة التأهيل للأطفال الذين لم ينالوا الرعاية الكافية منذ البداية بتمكينهم من التمارين الرياضية لتقوية عضلاتهم وتحسين معنوياتهم، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من العلاج الطبيعي والعلاج المهني. ويبقى الأهم هو توفير فرص العمل للبالغين المصابين ب متلازمة داون، اذ يمكنهم العمل في أعمال مختلفة بعد التدريب.