من العمل الأدبي والصحفي و الاذاعي و من دراسة الفلسفة وعلم النفس ومن المحاضرات والمسابقات الوطنية والعربية يحط الرحال أخيرا الزميل الصحفي الأستاذ علي البهلول رحاله في جمعية أولياء الأطفال المعوقين أولادنا بصفاقس كمدير للجمعية التي تعني بتقديم الرعاية الطبية والنفسية والبيداغوجية للأطفال المتخلفين ذهنيا .ولمعرفة الواقع المعيشي الذي يعيش فيه المعوق ولمعرفة أحوال الجمعية ولاكتشاف التطورات المستقبلية والمناهج البيداغوجية والنفسية التي وجب اتباعها كان "للتونسية" لقاء معه وكانت الدردشة التالية: *مبارك عليك ادارة الجمعية أولا وثانيا كيف تقدمها لقراء التونسية؟ - شكرا لك صديقي على الملامسة اللطيفة وٌأقول لك بأن جمعية أولياء الأطفال المعوقين أولادنا بصفاقس هي جمعية تتعهد بالأطفال ذوي الاحتياجات الخصوصية المتمثلة في التخلف الذهني "متلازمة داون " وينتج هذا المرض بسبب خلل في كروموزومات المجموعة 21 وهو ما يؤدي الى تخلف في النمو الجسمي والعقلي والعضلي ويطلق عليه أيضا ثلاثية الصبغي رقم 21 أو تريزومي 21 وقد تأسست جمعيتنا سنة 1985 وبدأت نشاطها الفعلي سنة 1986 تحت إشراف نخبة من الأولياء المتحمسين إلى مشاغل أبنائهم وتم تأشيرها من طرف وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن تحت عدد 62 بتاريخ 22 فيفري 1985 وقد بدأ العمل ب15طفلا أما هذه السنة فينتفع من نشاطها أكثر من سبعين طفلا بين ذكور واناث إناث تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و40 سنة حيث يتمتع هؤلاء الأطفال بنظام نصف إقامة وذلك بتناول وجبة الفطور صحبة مربياتهم بمركز الجمعية لغايات سلوكية تربوية. *كيف يتوزع نشاط جمعيتكم؟ يتوزع نشاط الجمعية حاليا على ثلاثة مراكز حيث يشمل المركز الأول مركز رياض الأطفال بسكرة يعتني بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و 12 سنة و هدفه العناية المبكرة بذوي الاحتياجات الخصوصية اعتمادا على طرق بيداغوجية وعلمية حتى يساعده منظوريه على تنمية المستوى الذهني وإثراء المكتسبات العقلية هذا إلى جانب مساعدة الأولياء على حسن التعامل مع أبنائهم.أما المركز الثاني فيشمل مركز التأهيل بالأفران يعتني بالأطفال الذين سنهم يفوق 12 سنة و يجمع هذا المركز المهمتين التربوية والتكوينية من خلال ورشاته الثلاث الخياطة و التزويق والحلويات وقد حاولت الجمعية في هذا الإطار تحويل الو رشات إلى وحدات إنتاج من خلال تسويق متوجاتها عبر المشاركة في بعض المعارض. أما المركز الثالث فهو قسم الادماج بمدرسة الباشا حيث واصلت الجمعية تجربة ادماج الأطفال المعوقين بالمدرسة الابتدائية الباشا بطريق تنيورقسم الإدماج بمدرسة الباشا: ماهي أهم الخدمات التي تسعى جمعيتكم لتقديمها؟ -تقدم الجمعية خدمات تمكن الطفل من الاندماج في الحياة الاجتماعية وتطوير مكتسباته لكي يكون عنصرا فعالا في المجتمع كما تساعده على الاعتماد على نفسه في جل الأنشطة اليومية وتتمثل الأنشطة في العمل على العديد من المجالات كالمجال الاجتماعي و النفسي الحركي بالاضافة للمعرفي و اللغوي كما توفر الجمعية أنشطة ترفيهية كالخرجات و زيارات لفضاءات مختلفة كنوادي إعلامية و فروسية، ونوادي ترفيهية تثقيفية مع القيام برحلات وتظاهرات ثقافية وأكاديمية كما توفر الجمعية خدمات طبية وشبه طبية وبالرغم من كون هذه الخدمات لا ترتقي أحيانا إلى مستوى انتظارات الأولياء الأ أن اطارات الجمعية تحاول العمل جاهدة على تجاوز هذا الخلل العائد بالأساس إلى قلة الاختصاصيين ومحدودية الموارد المالية باعتبار عجزها على تحمل نفقات انتداب إطارات في بعض الاختصاصات. * بحكم اختصاصك في مجال الاعاقات الذهنية هل من أسباب كبرى لوجود هذا المرض وتزايده؟ - لا أريد أن أتحمل مسؤولية الكشف عن الأسباب ولكن ما يمكن قوله أن أغلب الحالات لا تجد لها تفسيرا واضحا ولكن توجد بعض الأمراض التي يمكن تفسير حالاتها ويعود أغلبها لما قبل الولادة وما بعد الولادة ويعود أيضا للمناخ الذي ولد فيه الرضيع فمثلا توجد أسباب وراثية كظهور خلل في أحد الجينات وما يسببه هذا الخلل من تشويه أثناء فترة الحمل أو وجود خلل في بعض الكروموسومات وتجد أسباب يتحمل فيها الوالدين نصيب الأسد كادمان شرب الخمر والكحول والتدخين وممارسة العلاقات الجنسية الغير محمية وقلة التغذية كذلك تؤثر على سلامة الرضيع ذهنيا أو تعرض المرأة الحامل الى صراعات نفسية أو فيزيولوجية أثناء فترة الحمل أو تعرضها للسقوط والاغماء المتكرر قد يكون من الأسباب التي تساعد على ولادة طفل معوق ذهنيا أو عضويا. * هل يمكن الوقاية من انتشار هذا المرض والحد منه؟ - لست مختصا في ذلك ولكننا كباحثين في هذا المجال ما يمكن قوله اذا أخذنا كل التدابير الوقاية للأم وللرضيع في فترة ما قبل الولادة يمكن أن يتسنى لنا الحد منه ولو جزئيا من خلال الالتزام بالقيام بكل التلاقيح وبالتغذية السليمة للام وتجنب اصابتها ببعض الأمراض وبابتعادها عن كل أشكال الهستيريا والمشاكل النفسية يمكن أن يقلل من انتشاره وأيضا اذا اعتمدنا الكشف المبكر على الجنين من خلال أخذ عينة من حبل المشيمة التي يتغذى منها في بطن أمه لتسنى لنا أن نعرف هل هو مصاب أو لا منذ الأسابيع الأولى من تكونه. * هل من برنامج ستسعى لتطبيقه في جمعيتكم في قادم الأيام؟ - سأحاول السير على المنهج المعتمد ولكل حقبة زمنية الياتها ولكل جيل منهج اخر وبحكم بعض الأبحاث التي قمت بها في مجال علم نفس النمو والتربية فأن عملي سيكون متركزا على حسن سير الادارة وعلى العمل على الجانب النفسي والتربوي والبيداغوجي في ان وذلك بالعمل على تقنية الارشاد البيداغوجي والنفسي والتي ستكون بأيسر السبل لأبناء الجمعية كتطبيق الأرشاد الفردي أو الجماعي أو عن طريق اللعب أو بالتصعيد من خلال ممارسة عمل ابداعي حيث يضع فيه الطفل المعوق ذهنيا كل شحناته ومن خلال تحليلها يتسنى لنا معرفة بعض المكبوتات التي تحد من تقدمه وتطوره كما سأسعى رفقة هيئة الجمعية برئاسة الأستاذة سلمى السرباجي والدكتور وسيم الحشيشة الى العمل على تنظيم دورات تكوينية ومحاضرات في مجالات متعددة تخص المعوق ذهنيا أسريا وقانونيا ومهنيا. *باختصار كيف ترى واقع المعوق اليوم؟ -لن أعمم ولكن سأقول لك أننا لم نرتقي بعد الى النموذج الذي نجد فيه المعوق متمتعا بكل حقوقه المدنية والاجتماعية فالأغلبية تنظر الى المعوق ذهنيا بأنه يغرد خارج السرب وبأنه الشخص اللاسوي ولكن فليعلم الجميع بأن ذلك المعوق لا سبب له في اعاقته فكل شيء بمشيئة الله ويبقى في الأخير ابننا وأخونا وقريبنا فهو قبل كل شيء والاعتناء به ورعايته من أهم المشاريع الاستعجالية التي يجب على الدولة الاسراع بتنفيذها فالولايات المتحدةالأمريكية استطاعت في السنوات الأخيرة التقليل من انتشار الأمراض العقلية لأنها تعلم أن المعوق جزء لا يتجزأ من المجتمع .ومع كامل الأسف فالتهميش لا يزال قائما و أكد وأقول أن المعوق هو قبل كل شيء. * ختاما هل من مشاريع جديدة وماذا عن المركز المتعدد الاختصاصات؟ - نعم المشاريع موجودة فستحاول الجمعية بعث وحدة للعناية المبكرة للطفل ذو الاحتياجات الخصوصية منذ الولادة كما سنسعى الى تطوير الادماج المدرسي للأطفال الغير الأسوياء وتطوير بعض الورشات ليتسنى للأطفال المعوقين تعلم حرفة منذ الصغر تساعدهم على بناء مستقبلهم والمشكل الأكبر يبقى في انهاء المركز الخاص بالجمعية المتعدد الاختصاصات حيث يكتسب هذا المشروع أولوية قصوى ولا يمكن التقدم في انجاز مشاريعنا المستقبلية الاّ بانهائه نظرا للضيق الخانق الذي نعاني منه حاليا ومع غلاء الكراء يزيد الأمر سوء وأنا هنا من هذا المنبر الأعلامي الجليل الذي كنت ولا أزال من أسرته الكريمة أتقدم لكل القلوب الرحيمة بمد يد المساعدة لجمعيتنا قصد اتمام المركز المتعدد الاختصاصات لتنفيذ برامجنا المستقبلية التي ستؤول بالفائدة لأبنائنا المعوقين وقصد الترشح لنيل شهادة الجودة العالمية من سويسرا التي سأصارع من أجل الفوز بها.