تونس (الشروق) شكلت تونس منذ سنوات هاجسا للرحالة لموقعها الآستراتيجي كجسر بين أفريقيا وأوروبا ولعلها من أكثر بلدان حوض المتوسط التي مر بها الرحالة ودونوا ملاحظاتهم عنها . عن دار آفاق برسبكتيف وضمن سلسلة آفاق صدر كتاب جديد للباحث أنس الشابي بعنوان وصف تونس في بداية القرن العشرين ، هذا الكتاب يمثل أكتشافا للمهتمين بالرحلات إذ اختار الشابي رحلتين الاولى لمحمد فريد والثانية لعلي أحمد الجرجاوي وكلاهما زار البلاد التونسية ودون أنطباعاته عنها وسجل لقاءاته مع النخبة التونسية أنذاك فمحمد فريد الذي ولد في 1868 محام ومؤرخ وتولى رئاسة الحزب الوطني المصري ومؤسس أول نقابة للعمال في مصر سنة 1909 وقد نشرت رحلته الى تونس سنة 1902 في القاهرة ووزعت مجانا ودامت رحلته التونسية عشرون يوما بداية من 13 أوت 1902 وعاد في رحلة ثانية نشر تفاصيلها في شهري ماي وجوان سنة 1905 في جريدة المؤيد ويقول أنس الشابي أن رحلة محمد فريد الى تونس إلتقى خلالها عديد الشخصيات مثل محمد الجودي ومحمد العزيز بوعتور وحسونة العياشي ومحمد بن عثمان الحشايشي والشيخ أحمد بيرم ومحمد بن الخوجة وخليل بوحاجب والمسيو بادو والقسيس دولاتر اما علي الجرجاوي فهو محامي وصحفي أسس جريدة الإرشاد من مواليد 1876 او 1877 وخصص في كتابه خمسون صفحة للحديث عن تونس في كتاب خصصه لرحلته الى اليابان والهند وقد رافقه لهذا المؤتمر الذي أحتضنته طوكيوتونسي غفل عن ذكر أسمه ويشير أنس الشابي الى أن التغافل عن ذكر أسم التوتسي قد يكون مقصودا لأن الجرجاوي لم يكن راضيا عن مساهمته في المؤتمر . شهادة نادرة هذا الكتاب الذي دمج فيه أنس الشابي رحلتين مجهولتين يمكن أعتباره شهادة نادرة تحتاجها المكتبة التونسية خاصة أنه لم يكتف بنشر الرحلتين بل حققهما وقدم معطيات ضافية عنهما ويقول محمد فريد عن مدينة تونس القديمة « أما المدينة القديمة فباقية على حالتها يحيط بها سورها القديم ولها عدة أبواب وشوارعها بل حاراتها وأزقتها كلها ملتوية ملتفة يصعب على الغريب السير فيها بمفرده بدون آن يضل غالبا ولكنها جميعها مبلطة وبها المجاري العمومية للقاذورات وهي منارة بغاز الأستصباح الى أصغر زقاق غير نافذ ويسمونه في عرفهم زنقة « أما الجرجاوي فيقول عن تونس « يوجد في تونس خطوط الترام وهي أشبه بخطوط ترام الإسكندرية أنشئت فيها من نحو السنتين تقريبا وأكثر شوارع هذه المدينة من حيث العمران ومظاهر المدينة وحركة التجارة شارع باب البحر وهذا الشارع يسكنه الآوروبيون وبه محال تجارتهم وفنادقهم وقهاويهم ثم شارع باب الوزير فالباب الجديد فشارع باب منارة فنهج باب قرطاجنة فالحلفاوين « وأهمية الكتاب أنه عرّف الجيل الجديد خاصة من التونسيين بشهادة مجهولة لمصريين عن بلادهم أول القرن العشرين .