صنفت قرقنة خلال السنوات الفارطة، منطقة عبور للرحلات غير الشرعية. بل تحول الأرخبيل إلى عنوان قار للحالمين بالهجرة بسبب الفراغ الأمني الذي عرفته الجزيرة سنوات تلت الثورة .. (الشروق) مكتب صفاقس لكن منذ سنة تقريبا تراجع عدد رحلات الهجرة غير الشرعية من الجزيرة ..فهل هو تراجع وقتي أملته الظروف المناخية والأمنية، أم أن الجزيرة لم تعد تستهوي الحالمين بالهجرة بعد الفاجعة التي أتت على أكثر من 86 حارقا"" والتي سبقتها حادثة أخرى أتت على حياة 45 من الحالمين بالهجرة ؟ للإجابة عن هذا السؤال لا بد من التذكير بما اصطلح عليه بكارثة قرقنة. وهي الحادثة التي هزت الأرخبيل مع بداية شهر جوان من السنة الفارطة. وأتت على روح 86 "حارقا" ابتلعهم البحر في رحلة موت لم ينج منها إلا 70 حالما وحالمة بأضواء أوروبا .. وقبل هذه الفاجعة، في أكتوبر 2017، اصطدمت خافرة عسكرية بمركب بحري كان يقل أكثر من 80 "حارقا" انطلقوا من يابسة قرقنة. وقد ابتلع البحر 45 شابا. وقضت المحكمة خلال بداية هذا الشهر من السنة الحالية بإدانة كل من رائد البحرية ربان الخافرة العسكرية بسجنه 6 أشهر من أجل جريمة القتل عن غير قصد الناتج عن إهمال وعدم مراعاة القوانين ومخالفة التعليمات العسكرية. رحلات الموت هذه انطلقت من قرقنة التي كانت تعيش فراغا أمنيا واضحا. وعلى هذا الأساس اتخذت وزارة الداخلية عديد القرارات لمنع الرحلات البحرية من جزيرة قرقنة. وكانت بدايتها بمراقبة كل قاصدي الجزيرة التي لا يمكن الوصول إليها إلا باعتماد "اللود" أو "البطاح" الرابط بين يابستي صفاقسوقرقنة. وهو ما يسهل معه عمليات المراقبة . بعدها، اتخذت وزارة الإشراف قرارا بتهيئة المراكز الأمنية التي حرقت إبان الثورة وتدعيمها بالمعدات اللوجستية وبالعنصر البشري. كما قررت الوزارة تركيز "مركب أمني" متكامل يجمع كل الاختصاصات بهدف تكثيف الجهود وتوحيدها للقضاء على ظاهرة "الحرقة" التي استفحلت وحولت الجزيرة إلى عنوان واضح لكل الحالمين بالهجرة . وزير الداخلية هشام الفوراتي، وفي زيارة سابقة إلى جزيرة قرقنة قال " لقد تم تسجيل تراجع في عمليات الهجرة السرية "الحرقة" انطلاقا من جزيرة قرقنة بفضل تكثيف المراقبة الأمنية بالتنسيق مع الجيش الوطني، مفسرا هذا التراجع في تصريح إعلامي بالمجهودات الأمنية " . مصدر مسؤول من الحرس البحري بقرقنة، قال ل "الشروق" إن الجزيرة لم تسجل خلال كل الفترة السابقة أية محاولة للهجرة إلى أوروبا من خلال جزيرة قرقنة مشيرا إلى أنه تم إنقاذ عدد من "الحارقين" مؤكدا أن الخطط الأمنية التي تم اتخاذها أثبتت نجاعتها ..مما جعل "الحارقين" يغيرون وجهتهم نحو مناطق ساحلية أخرى ..