نتسرع عادة في تفسير قرارات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن إسرائيل، مثل «الاعتراف» بالقدس عاصمة لإسرائيل و»الاعتراف» بسيادة الاحتلال على الجولان، ووقف تمويل وكالة الأونروا وغيرها، بقوة العلاقة الشخصية التي تربطه برئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو. وهذا صحيح. لكنه لا يكفي للقول إن إمبراطورية ذات مؤسسات قوية مثل الولاياتالمتحدة يدار أمنها القومي وفقا للعلاقات الشخصية للرئيس.وإعلان ترامب الأخير بشأن الجولان، ليس مفاجئا وإن كان مفاجئا بتوقيته. فقد سبقته تصريحات للسفير الأمريكي في تل أبيب، المستوطن دافيد فريدمان، لصحيفة نتنياهو، «يسرائيل هيوم»، بمناسبة رأس السنة العبرية، قال فيها إنه لا يتصور بأي حال من الأحوال عودة الجولان الى سورية. وإنها ستبقى الى الأبد تحت السيادة الإسرائيلية، باعتبار أنه ليس في الجولان جماعة أصلانية تطالب بالحكم الذاتي. والصحيفة ذاتها، التي يملكها الثري الأمريكي الصهيوني شيلدون إيدلسون، كشفت أن ترامب كان سيعلن عن قراره بشأن الجولان في خطابه السنوي إلى الأمة، قبل فترة قصيرة. لكنه قرر إرجاء الإعلان على ما يبدو ليتزامن مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية، وليكون دعما لنتنياهو. أي أن القرار ليس مفاجئا. وليس مجرد تغريدة لدعم نتنياهو، وإنما جرت دراسته ودراسة الإمكانية القصوى للاستفادة من توقيت إعلانه. ولا يخفي الكتّاب في اليمين الإسرائيلي أن مثل هذه القرارات يعود "الفضل" في جزء كبير منها إلى المبعوث الخاص لترامب، جيسون غرينبلات، والسفير فريدمان. وهما صهيونيان من أقرب المقربين لترامب. ويستغلان صهره، جاريد كوشنر، لتمرير مخططاتهما لدعم إسرائيل وحسم الصراع مع الفلسطينيين من خلال فرض الأمر الواقع والاعتراف بالاستيطان. ويزداد تأثير الصهيونية ليس فقط بفعل نجاح الرهان الأمريكي على الدور الإسرائيلي في المنطقة، بل منذ قرار الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، باتباع سياسة الانكفاء في المنطقة العربية، بعد "نجاح" رهان أميركي آخر.وهو التخلص من الاعتماد على النفط العربي بتطوير تقنيات لاستخراج النفط الصخري، مما يحرر الولاياتالمتحدة من الارتهان للنفط العربي وأنظمة الحكم العربية النفطية، التي بات دورها بنظر الأميركان يقتصر على تنفيذ الإملاءات الأميركية بما يتعلق برفع أو خفض أسعار النفط، حسب المصلحة الأمريكية. وبات هذا الدور العربي أمريكيا. ولاعبون غير أحرار في بورصة النفط العالمية، يلعبون حسب المصلحة الأميركية. والدليل على ذلك، ذهاب إدارة أوباما للتسوية مع إيران بالملف النووي على الرغم من المعارضة العربية الرسمية، ومعارضة نتنياهو الذي سرعان ما قلب قرار أوباما مع تولي ترامب الرئاسة. بقلم : رامي منصور (إعلامي فلسطيني )