يبدو أن العملية العسكرية الكبرى التي أطلقها الجيش الوطني الليبي ،بقيادة المشير خليفة حفتر،في العاصمة الليبية طرابلس ،قد درست جيدا قبل تنفيذها ،حيث يكتسي توقيت إطلاقها أهمية كبرى. فليبيا تستعد لتنظيم مؤتمر ليبي جامع سترعاه الأممالمتحدة الأسبوع القادم . ومن المتنظر أن يشارك فيه كل أطراف الصراع الليبي،بمن فيهم بعض قادة الميليشيات المتطرفة ، وبعض رموز التيارات الدينية المتشددة فضلا عن برمجة مشاركة بعض المصنفين على لوائح الارهاب الدولي في تلك المشاورات . وأمام هذا المخطط الخطير الرامي الى إعادة «رسلكة « الميليشيات المتطرفة والمعتدلة من أجل تشريكها في حكم البلاد والتصرف في مستقبل ابناء الشعب الليبي ، أطلق حفتر حملته العسكرية التي تزامنت ايضا مع زيارات قادته مؤخرا الى المملكة العربية السعودية ،والتي يبدو أنها أعطته الضوء الأخضر لإطلاق هذه العملية من أجل تخليص البلاد من الميليشيات المارقة عن القانون والجاثمة على صدور الليبيين منذ سقوط نظام الزعيم معمر القذافي . وأمام هذه الفوضى المريبة في المشهد الليبي ،لابد من التذكير بالتدخلات الخارجية السافرة في الشأن الداخلي، وأخطرها قيام بعض الدول بتسليح الميليشيات الإرهابية. وفي هذا الاطار فقد ضبطت السلطات الليبية في جانفي الماضي شحنة اسلحة تركية موجهة الى الارهابيين تحتوي على 20 ألف مسدس. وتعتبر هذه التدخلات سببا رئيسيا في اطالة أمد الأزمة وسببا في دخول البلاد في دوامة الحرب الأهلية . وفي العموم يبدو أن حملة حفتر ، تهدف الى وضع حد لكل هذه الفوضى التي تعاني منها البلاد منذ سنوات ،فالرجل أعلن في عدة مناسبات ان غايته ليست افتكاك مقاليد السلطة ولا السيطرة على مفاصل الدولة ،بل هدفه تطهير البلاد من الميليشيات التي حولت حياة الليبيين الى كابوس مرعب وصلت الى حد قيام بعض زعماء تلك الميليشيات بفرض اتاوات على المواطنين واجبار اصحاب المحلات على دفع «الجزية». ورغم أن كل الدول العربية والغربية قد عبرت علنية عن رفضها لعملية حفتر ،إلا أن مواقفها الخفية تدعم هذه التحركات وتغض الطرف عنها ، بعد اقتناعهم أن الحل العسكري أصبح ضرورة بسبب عربدة الميليشيات المتحكمة في المشهد العام .