حتّى لا ننسى القضية، ولا ننسى جريمة العصر، لا بد أن نستذكر اليوم أشكال الأسر والقهر والعذاب الذي تمارسه سلطات الاحتلال الصهيوني في حق أبناء الشعب الفلسطيني... خمسمائة وتسعة فلسطينيين أسِروا خلال شهر جانفي 2019... وخلال عام 2018، اعتقلت سلطات الاحتلال ستة آلاف وخمسمائة (6500) مواطن فلسطيني، من بينهم ألف وثمانين (1080) طفلا و133 امرأة... أين شرعة حقوق الإنسان؟ أين اتفاقات جنيف الأربعة؟ وأين عقاب الاستعمار؟ لا شيء.. لذلك اختار الأسير الفلسطيني التحرّك ضد آلة القمع الصهيوني التي تتواصل في زنزانة الأسْرِ وفي المعتقل، تعذيبا واعتداء على حقوق الأسير... المعتقلون في سجون الاحتلال، قرّروا أن يلفتوا انتباه العالم، والعشرات منهم الآخر في حالة إضراب جوع داخل السجون. لقد قرّر السجناء والمعتقلون أن يعتبروا مُخطّط الاحتلال مخطّطا قد سقط بمجرّد أن النضال بكل أشكاله، يتواصل داخل المعتقلات والسجون الصهيونية... لقد كذّب المناضلون الفلسطينيون المعتقلون في سجون الاحتلال، كذّبوا ادعاءات المحتل، وجعلوا من سجونهم ومعتقلاتهم قلاعا للنضال ولمواصلة المشوار... مشوار مقارعة الاحتلال... والحقيقة، فإنّ الأسير الفلسطيني قدّم درسا للعالم، درس في النضال ودرس في إدامة التصدّي للاستعمار.. إذ بالمحصلة، أصبح الغاصب المحتل والسجّان المجرم، هو السجين وحبيسُ جرائمه أمام الإنسانية. في يوم الأسير الفلسطيني، تعاود الذكرى ويعاود التاريخ، ملحمة النضال الفلسطيني لمدة قرن من الزمن... إذ بفضل الأسير الفلسطيني ونضاله الذي اتخذ أشكالا عديدة ومتنوعة، أمكن إيصال صفحات الظلم الاستعماري من فلسطين إلى العالم... الأسير الفلسطيني وهو تزداد أعداده في زنزانات الاحتلال، يبقى الشاهد الحيّ، على أن الإنسانية عجزت عن تصفية الاستعمار... وأن الإنسانية أيضا، باتفاقياتها الدولية وبشرعتها الأمميّة، بانت صغيرة ومستصغرة في نظر الرأي العام العالمي، بما أن الكيان الصهيوني الذي منحته المجموعة الدولية ومنظمة الأممالمتحدة، «شهادة الوجود» أضحى متنطّعا وخارقا لنواميس حقوق الإنسان، والأسير الفلسطيني هو من يُدلّل يوميا على وجودِ هذه الخروقات وهذه الجريمة... العالم، عاجز اليوم، عن إيجاد حل لتصفية آخر معاقل الاستعمار، وأيُّ استعمار، فهو الاستيطاني الذي يلعب دور رأس الحرب لبقية أشكال الاستعمار والهيمنة..