إذا كان اللون الأزرق في الحياة يعني الصفاء والشفافية والهدوء، فانه عند شاعرتنا الهادئة والمجدة راضية بصيلة يعني أيضا البحث عن معنى للحياة.. ومعاني الجمال في الوجود من خلال التشبث بالأرض التي عليها ولدنا واليها نعود ... هي راضية بصيلة الصوت الشعري الهادئ الذي يصافح القراء بديوانه «مواعيد النوارس» في 68 صفحة من القطع المتوسط والصادر عن مطبعة النصر بالقيروان متضمنا 28 قصيدا يربط بينها خيط رفيع ...الحيرة وهذه الأسئلة الحارقة عن معنى يحلق بكل صفاء في الأفق الرحب ... في عالم يغلب عليه القلق والتوتر والخوف والتردد. عالم راضية بصيلة في ديوانها «مواعيد النوارس» استثنائي، وهو يصافحك من الغلاف المسيطر عليه اللون الأزرق والبحر بما يحمله من اسرار ... وهذه الطيور المحلقة في السماء تبحث عن ملاذ وما تقتات به انتصارا للحياة وتشبثا بقيمها النبيلة. هي راضية بصيلة التي أعلنت منذ الغلاف ان الحياة مواعيد وارتباط وتشبث بالأرض والانطلاق منها لغد أكثر اشراقا دون القطيعة او التفصي من البدايات المتعثرة ... ككل البدايات في الكون ... حددت راضية بصيلة في «مواعيد النوارس» وكشفت عن رغبة جامحة تحدوها بانه « لا يوجد شيء في الدنيا يمكن ان يساعد الانسان بفاعلية على –البقاء- حتى في اسوإ الظروف مثل معرفته بان هناك معنى في حياته» على حد تعبير فيكتور فرانكل التي انتصرت اليه شاعرتنا في هذا الديوان فسجلت هذه الشهادة وفي ذلك أكثر من معنى تنطلق رحلة راضية بصيلة بحثا عن معنى للحياة، سفر وجداني يضج بالأسئلة... أسئلة الحيرة والترقب والخوف والفرح والتفاؤل لتعلن من اول قصيد لها انه لا معنى للحياة دون حب.. لكن أي حب الذي تبحث عنه وتريده وتنتصر له راضية بصيلة ... هو حب الوجود... حب الارض ... الحب سر البقاء ... ودون حب لا مكان للإنسان في الحياة مهما كانت مباهجها ... .. هي الامنيات التي تبحث عنها راضية بصيلة.. تقول في قصيد لها الجامع امنياتي معه أطرز فيه الاماني وارتق حلمنا بانتظاري وارقبني من هناك حتى انام هي من الامنيات التي ترومها شاعرتنا في عالم متقلب ونواصل الرحلة في عالم راضية بصيلة الشعري والشاعري، ونغوص أكثر في أعماق «مواعيد النوارس» .... من «عبور» و«على مشارف الطريق»و«عودة الفينيق» و«سفر في الوريد» و«ساعة الغروب»و «شهقة فرح» و«حدث»و «تلازم» و«قطرة للحياة» عناوين قصائد كثيرة تعيدنا الى لحظات كثيرة، فيها من المتعة والحب والخوف والقلق والمصير والرغبة، كل ذلك بأسلوب يحمل ذائقة أدبية فريدة، تؤسس لذاكرة المعنى ويستوقفك في آخر هذا الديوان الممتع قصيد» صور معلقة» وكأني بشاعرتنا تقول انه لا يبقى لنا في هذه الحياة الا الذكريات.. ذكريات الحب... ذكريات الحنين والاسئلة عن معنى للحياة.. فليس لنا سوى الذكريات في اخر المطاف. كتبنا كم غنينا كم رفقة كانوا هنا وتواروا ولم تبق غير صور معلقة على جدار الذاكرة