بَعد «غَصرة» كبيرة تمكّن الترجي من اقتلاع ورقة الترشّح إلى الدور النهائي لرابطة الأبطال للمرة الثانية على التوالي وللمرّة الثامنة في تاريخ الجمعية. وقد كانت أفراح «المكشخين» هِستيرية بحكم أن العبور حصل أمام العنيد «مَازمبي» وفي ملعب «لوبومباشي» الذي يُصنّف ضمن أصعب الميادين في القارة الإفريقية. الوداد من جديد سيخوض الترجي «فينال» رابطة الأبطال يومي 24 و31 ماي أمام الوداد البيضاوي في سيناريو مُكرّر لنسخة 2011 عندما تُوّج سفير الكرة التونسية باللّقب على حساب الأشقاء بفضل الهدف الرائع للجوهرة الغانية «هاريسون أفول». وسيدور الشطر الأول من «الفينال» يوم 24 ماي في المغرب قبل أن يستقبل الترجي خصمه يوم 31 من الشهر نفسه في رادس. مُواجهة الوداد تحمل في طيّاتها صراعا طريفا بين معين الشعباني و»مُعلّمه» السابق في الترجي فوزي البنزرتي الباحث عن لقب رابطة الأبطال للمرّة الثانية في مشواره بعد أن كان قد فاز بهذه الكأس الغالية مع الترجي عام 1994 على حساب الزمالك. فَرحة عَابرة للقارات كان لقاء أمس الأوّل في «لوبومباشي» مُدمّرا للأعصاب في ظلّ الضّغط الرّهيب للمُنافس المتسلّح بميدانه وجَماهيره الجالسة في مدرجات قريبة من حافة الميدان. وفي ظل المتاعب الشديدة التي عاشها الترجي أمام «مازمبي» كان من الطبيعي أن تكون أفراح الأحباء عَارمة وعَابرة للقارات. وبالتوازي مع «طوفان» الفرح الذي اكتسح «باب سويقة» والمدن التونسية المُوالية للأزياء الذهبية امتدّت الإحتفالات إلى عدة دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا حيث احتفت خلايا أحباء الجمعية هُناك بقهر «الغِربان» الكونغولية في عقر دارهم وأمام أنصارهم. وقد كانت الأفراح الترجية مُضاعفة في ظل تزامن الترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال مع حصول فريق الطائرة على الكأس على حساب النجم فضلا عن انتصار فريق كرة اليد في ذهاب الدّور نصف النهائي للبطولة. ويُمكن القول إن 4 ماي كان فِعلا «يوم السّعد» على «المكشخين» في انتظار الفرحة الكبيرة بعد إحراز رابطة الأبطال. الامتياز لبن شريفية حقّق معز بن شريفية الإمتياز في لقاء «لوبومباشي» وقد ساهم بيقظته الكبيرة وتصدياته الرشيقة في فرض التعادل السلبي على المَحليين وإهداء بطاقة التأهل للترجيين. وكان معز «البطل» الحقيقي في مُواجهة «مَازمبي» واستحق حارس الترجي الإشادات الكثيرة التي تلقّاها من مدربيه وزملائه ومن كافّة أحباء الجمعية. فرحتان للشعباني عاش الشعباني فرحتين: الأولى بالترشح إلى «الفينال» والثانية بالإنتصار لخَياراته الفنية التي كانت مَحلّ انتقادات واسعة أثناء مُواجهة «مازمبي» في رادس. ويمكن القول إن مدرب الترجي كسب جولة جديدة في «صِراعه» المُثير مع المُحلّلين الفنيين الذين اتّهموا معين بالإفراط في الدفاع أثناء الذهاب وشكّك البعض منهم في قدرة الفريق على الصُمود في «لوبومباشي» قياسا بنتيجة لقاء رادس (1 مُقابل 0 لفائدة الترجي). لقطة مُعبّرة دارت مباراة «لوبومباشي» في أجواء سَاخنة في ظل التَنافس التقليدي بين «مَازمبي» والترجي فضلا عن أهمية الرّهان (الترشّح إلى «فِينال» رابطة الأبطال). ورغم الضغط الكبير الذي عاشته البعثة التونسية فإن الحافلة الترجية تلقّت التحية من الكونغوليين لحظة مُغادرة الملعب ومن الواضح أن «العُقلاء» في هذا البلد أدركوا بأن فريق الشعباني كان جَديرا بالعُبور طالما أنّه انتصر على أبناء المدرب «بامفيل ميهايو» في رادس قبل التعادل السلبي في «لوبومباشي» وهو ما لم يفعله أي فريق آخر من زوّار هذا الميدان في النُسخة الحالية من رابطة الأبطال. توقّعات المساكني في تفاعله مع عُبور الترجي إلى «فينال» رابطة الأبطال أكد النجم السّابق للفريق يوسف المساكني بأن «المكشخة» قادرة على بسط نفوذها على الكرة الإفريقية لثلاث أوأربع سنوات. ويعتقد مُحترفنا في «أوبن» البلجيكي أن الترجي يملك كلّ المؤهلات التي تُخوّل له بلوغ الأدوار النهائية لرابطة الأبطال بأقل المجهودات المُمكنة. للمُراجعة لا جدال في أن نجاح الترجي في تفادي «مَصيدة» الكونغوليين والوصول إلى «الفينال» من المكاسب الكبيرة لكن هذا لا يحجب أبدا النقائص التي وجب تداركها ليكون الفريق أكثر فاعلية ويتجنّب مِثل تلك «الغَصرات» التي عاشها أمام «مازمبي». وقد أظهرت رحلة الكونغو الديمقراطية عدّة إحصائيات سلبية من ذلك أن نسبة امتلاك الكرة لم تَتجاوز في بعض الأحيان 30 بالمائة ولم يُسدّد الفريق على مرمى الخصم سوى في أربع مناسبات مقابل 25 تصويبة بالتمام والكمال للمحليين. ومن المُؤكد أن الشعباني سعيد بالعُبور لكنه على وعي أيضا بأن فريقه قادر على الأفضل من حيث الأداء الذي يأمل الأحباء أن يبلغ أعلى المستويات مع بلوغ «الفينال» الإفريقي تماما كما حصل في النسخة الفارطة أمام الأهلي المصري.