رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالمرصاد.. في أسباب تفشّي العنف
نشر في الشروق يوم 10 - 05 - 2019

لقد تفنّنتْ النهضة ورموزها في تَكيّف الحادث الذي وقع في كليّة الآداب بجامعة «منوبة» لقيادييّها على العريّض وعبد الحميد الجلاصي فهو اعتداء على الحريّات وهو محاولة لجرّ المجتمع للعنف وهو مناف للتعايش في مجتمع ديمقراطي إلى غير ذلك من الأوصاف التي نستغرب أن تصدر عن حركة كانت هي السبب الرئيسي في تفشّي كلّ مظاهر العنف في المجتمع التونسي ممارسة من أتباعها وتشجيعا عليه من طرف الجهات التكفيريّة ولجان حماية الثورة التي استعانتْ بها النهضة لتأديب خصومها في سنوات حكمها والأمثلة على ذلك كثيرة وهي مدوّنة لمن يريد الرجوع إليها وليس معنى هذا أنّي أبرّر ما وقع للقياديّين النهضوييّن إذ هو مرفوض بكلّ
المقاييس لكن ما أثير حول هذا الحادث من تجيّش إعلامي وتنقّل الجلاصي من» بلاتو» إلى آخر وخاصة على «الفايس بوك» من أنصار النهضة يثير الاستغراب ومبالغ فيه إذ تجاوز كلّ الحدود ويدفع للتفكير و كأنّ النهضة تريد توظيف هذه الحادثة البسيطة قياسا بما قامت به من عنف ضدّ مخالفيها لتبيّض وتعويم ماضيها في ميدان العنف الذي ابتلي به المجتمع التونسي مع حكم النهضة .إنّ الاهتمام الذي دفعتْ إليه النهضة لهذا الحادث البسيط وما حضي به من توظيف قد فاق بكثير أحداث أخرى تعرّض فيها مواطنون وسياسيّون للعنف الشديد و سالت فيها الدماء وكانت النهضة طرفا فيها.
والذي شدّني أكثر من غيره في خضمّ هذه الحملة المُمَنْهجة من النهضة هو ما نشره القيادي النهضاوي نور الدين البحيري حول هذه الحادثة في جريدة الشروق يوم 29 أفريل2019 حيث وجّه رسالة إلى قادة الجبهة الشعبيّة جاء فيها :» الاعتداء الهمجي المتخلّف لبعض أتباعكم في كليّة منوبة على المناضلين الوطنييّن علي لعريّض وعبد الحميد الجلاصي ثمرة لما تربوا عليه من عداء للحريات الفرديّة والأكادميّة والديمقراطيّة والتعدّد والتنوّع ورفض الآخر وللحقّ في الاختلاف ومن أحقاد وضغائن وتحريض على البغضاء....»
وبقطع النظر عن الأوصاف والنعوت التي اختارها البحيري من القاموس الذي كانت تتهم به النهضة في الماضي القريب فإنّنا لو حذفنا أنّ باعث الرسالة هو البحيري وحذفنا المرسل إليه وهي الجبهة الشعبيّة وعرضنا الرسالة على الرأي العام لكانت الإجابة أنّها رسالة موجّهة للنهضة إذ مثل هذه الأفعال كانت ومازالت تصدر عن أتباعها.
لكنّي سأقف عند أمر أراه مهمّا جدّا وهو أنّ البحيري عرف أنّ الذين منعوا القيادييّن النهضوييّن من حضور الندوة هم من أتباع الجبهة الشعبيّة وطلب من الجبهة الشعبيّة الاعتذار لكنّه لم يقل لنا من أدراه أنّ هؤلاء الشباب من الجبهة الشعبيّة وهل هو يعرف الأسباب الحقيقيّة لهذه الحادثة ؟
أمّا كون البحيري متيقنا أنّ هؤلاء الشباب من الجبهة الشعبيّة فلأنّه يعرف أنّ الجرح الذي مازال يعاني منه مناضلو الجبهة الشعبيّة لم يندمل بعد أمّا عن الأسباب أليس هذا الشباب يا بحيري من الجبهة التي مازالت إلى اليوم تتهم النهضة بأنّها السبب وراء اغتيال الشهيد شكري بالعيد. ؟
وبقطع النظر عن صحّة هذه التهمة من عدمها وحيث أنّ القضاء لم يقل بعد كلمته في هذا الموضوع و حيث أنّ هذه الجريمة وقعتْ عندما كان العرّيض وزيرا للداخليّة وكنت أنت وزير العدل وحيث أنّك متّهم بمحاولة تعويم هذه القضيّة بما يعرف عنك من علاقات حميميّة ربطتها مع بعض القضاة-حتّى لا أقول أكثر- فإنّ اتّهام النهضة بأنّها وراء هذه الجريمة سيبقى من أسباب ما يمارس ضدّ قيادات النهضة من محاولات للإقصاء من طرف أغلب الأطياف السياسيّة وخاصة من أجيال الجبهة الشعبيّة التي سوف لن تقتنع ببراءتكم إلّا بحكم قضائي عادل.
لذلك مثلما يقال «الكرة في ملعبك «فإن كنت متيقّنا من براءة النهضة-وهذا ما تروّجون له- فلا أقلّ من استعمال وزنك السياسي والبرلماني وعلاقاتك المتينة مع القضاء المكتسبة من توليك وزارة العدل ووزن حركتك التي هي اليوم طرف هام في الحكم حتّى لا أقول هي الحاكمة الفعليّة. لكي تظهر الحقيقة واضحة عن طريق حكم قضائي عن اغتيال الشهيد شكري بالعيد وعندها فقط سوف نقضي على أسباب العنف الذي تستنكرونه اليوم والذي قد تنجرون له مستقبلا وهو ليس غريبا عنكم وقد توقّع الجلاصي أنّ الأمر كان سيكون أخطر لو علم «شباب النهضة» بهذا الحادث .إنّ مراوحة قضيّة شكري بالعيد مكانها ومحاولات طمس الأدلّة وتفكيك القضيّة كما تدّعى هيئة الدفاع سيجعل العنف يتصاعد بمرور الزمن وقد يصل الأمر إلى فتنة لا نعرف المتسبّب الحقيقي فيها حتّى نَلْعَنه عملا بالحديث النبوي الشريف .فدعك من توجيه النعوت من همجي ومتخلّف ومن التستّر بالديمقراطيّة
والعداء للحريّة والتعدد والتنوّع والأحقاد والضغائن فهذه لغة «مضروبة «عهدناها و هي بمثابة -عندما تصدر عن النهضة- كلمة حقّ في ظاهرها مغلّفة بكلّ ما تدين به النهضة من آراء وأفكار وسلوك متناقض مع هذه القيّم.وَلِنَأتِ « للصحيح» لما ينفع الوطن ويساهم في تماسكه وذلك بكشف الحقائق وتبرئة البريء وتجريم المجرم عندها فقط ستجد كلّ الحساسيات السياسيّة والمجتمع المدني يندّد بالعنف أنّى كان مأتاه. أمّا مقولة «عليكم موش علينا» فقد عَانَينا منها كثيرا وسوف لن تنطلي علينا مستقبلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.