تونس- الصباح: ربما لأنه كان يدرك بأنه سيكون على موعد مع سهرة فنية رائقة تجمع بين الامتاع بالأغنية الطربية الراقية والمؤانسة بالأغنية الإيقاعية والخفيفة... وربما -أيضا- لأنه كان متشوّقا لرؤية فنانة تونسية مجتهدة لها «لوكها» الخاص ولها رصيدها الغنائي المحترم والثري الذي يجمع بين أغان تونسية وأخرى شرقية... فنانة بقدر ماهي محبوبة وأخاذة وساحرة بقدر ماهي أنيقة ورصينة وغير «منفلتة» على الركح... فإن جمهورا كبيرا غالبيته من النساء والفتيات كان في الموعد -مساء أمس الأول- لمتابعة حفل الفنانة صوفية صادق على ركح مسرح قرطاج الأثري. الحفل انطلق قويا منذ البداية... قويا -لافقط- في جانبه الموسيقي بل وكذلك على مستوى الحضور الركحي للفنانة صوفية صادق التي طلعت على الجمهور في ثوب عرائسي أبيض لمّاع وجميل وأنيق بدت من خلاله آثار الحمل واضحة عليها.. فالبطن -ما شاء الله- مكوّرة وبارزة بالكامل ما يعني أن صوفية قد أضحت على قاب قوسين أو أدني من الأمومة... على وقع هذا الحضور الجسدي اللافت للفنانة صوفية صادق وفيما كان الجمهور لا يزال يدقّق في شكلها الفيزيولوجي «الجديد» وهي حامل وسط بعض التعليقات التي كانت تنبعث من هنا وهناك في شكل صيحات مثل «يخلّص وحلك» أو «خمسة وخميس» انطلقت الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو عبد الكريم بلقايد في عزف المقدمة الموسيقية للحفل ممثلة في معزوفتين الأولى بعنوان «ذكرياتي» والثانية بعنوان «بلدي المحبوب» بعدها انطلقت الفنانة صوفية صادق في أداء مجموعة أولى من أغانيها بين قديمة وجديدة مثل «تعرفني أنا نموت عليك» و«تحلى الليالي ويحلى السهر» و«حرام عليك» و«فرّ كلامك» و«عشقك وانتهى» و«ضيّعت العمر ليالي» و«والله الوطن غالي» و«يا ليل ياما سهرت فيك نفكّر» وغيرها... مجموع هذه الأغاني الأولى كانت بمثابة المفتحات لطبق غنائي لذيذ و«دسم» ومتنوع اقترحته الفنانة صوفية على جمهورها في سهرة -أمس الأول- وجمع جمعا أنيقا وذكيا بين الأغنية الطربية والأغنية الخفيفة والايقاعية بل وحتي الأغنية الشعبية أحيانا و«الدللي» للهادي حبوبة و«يا امّيمتي الغالية» لسمير الوصيف فضلا عن أغان من العتيق «بالله يا حمد يا خويا» و«أليف يا سلطاني»... الجمهور الحاضر وهو يتفاعل مع هذه الدفعة الأولى من الأغاني فيرقص على إيقاعات البعض منها -حينا- ويردّد مع صوفية مقاطع من بعضها -حينا آخر- كان يبدو على يقين بأن الفنانة صوفية صادق ستنتقل به لاحقا إلى جزء ثان من الحفل تكون له بدوره خصوصيته ونكهته الفنية الخاصة... وهو ما حصل بالفعل عندما شرعت صوفية في أداء مختارات غنائية لأم كلثوم... فغنّت مقاطع من رائعة «الحب كله» ومقاطع من أغنية «حب إيه» هذه الترويحة الكلثومية الراقية التي أجادت صوفية -كالعادة- أداءها لم تكن سوى فاصل طربي عادت على إثره إلى أغانيها وخاصة منها التونسية الخفيفة والإيقاعية التي أحب الجمهور من خلالها صوفية صادق... بمجرد أن شرعت الفرقة الموسيقية في عزف المقدمة اللحنية لأغنية «يهبّل» الشهيرة حتى اهتزّ الجمهور الحاضر وغالبيته العظمى من النساء و الصبايا وشرعن في الرقص على إيقاعها ونغماتها فبدا المشهد وكأن الناس في حفلة عرس... رقص وانشراح وحبور وسرور... فقلت في نفسي: وهل مطلوب من أي فنان -في المطلق- غير أن يسعد جمهوره ويجعله يسعد وينتشي ويستمتع ويفرح -ولو للحظات-؟ في نهاية الحفل اقتربت من فتاة شابة لاحظت أنها كانت على مدى السهرة ترقص وتردّد مع صوفية مجمل أغانيها... وسألتها: «ما رأيك في حفل صوفية»؟ فأجابتني: «يهبّل!»