سعى هارون الرشيد لتوطيد علاقته بالدول المجاورة لملكه وانشاء علاقات تنبني على التكافئ ولعل الاتصال الذي كان بينه وبين ملك فرنسا شارلمان خير دليل على ذلك فقد استقبل بعثة جاءته من ملك فرنسا محملة بالهدايا سنة 183 هجري ورد عليها بمثلها سنة 186 هجري وكان ذلك منطلقا لعديد البعثات المماثلة مع فرنسا ومع غيرها من البلدان المتاخمة للدولة الاسلامية . وكانت خرسان اكبر الولايات الشرقية اتساعا ونشاطا ونفوذا في زمن العباسيين وكان ولاتها يسيطرون على جميع اقاليم المشرق الامر الذي جعلها محط انظار الخلفاء العباسيين وفي عصر هارون الرشيد تولى الولاية عليها علي بن عيسى وكان منذ صغره من اكبر الدعاة المؤيدين للدولة العباسية ورغم انه من موالي العجم الا انه كان يميل للعنصر العربي ويشتد على العناصر الاخرى ويعاملهم بقسوة وبطش ، مما جعل الخرسانيين يكرهونه وخاصة الحسين بن مصعب الذي يؤلب العجم عليه وعلى ولايته . ولم يكن علي بن عيسى يولي الموالي العجم اهتمامه واعمل فيهم السيف بحجة حماية الخلافة العباسية واخذ يجبي الاموال ويستجلب الهدايا فقام الخراسانيون بارسال شكاوى كثيرة لهارون الرشيد ، وارسل الرشيد الى علي بن عيسى يعيب عليه سوء ادارته وظلمه للرعية حتى انه هم بالذهاب الى الري لتأديبه ، ولكن علي بن عيسى اسرع وارسل الى هارون بانه سوف يعدل من سياسته وانه انما فعل ما فعل للحفاظ على راية العباسيين مرفوعة وكسر شوكة الخراسانيين . وبعد فترة عاد علي بن عيسى الى سيرته الاولى فارسل الرشيد هرثمة بن اعين وكتب له عهدا بولاية خراسان وعندما وصل هرثمة الى مرو عاصمة خراسان قبض على علي بن عيسى وصادر امواله التي كانت تفوق الحصر وارسله الى الرشيد مقيدا .وادى ذلك الى تهدئة خواطر الخراسانيين واستكانوا الى حكم العباسيين . وكان علي بن عيسى اثناء ولايته على خرسان عينا على بلاد ما وراء النهر وهي البلاد الواسعة المجاورة لخراسان خلف نهر جيحون وكانت هذه البلاد قد فتحت ايام الخلافة الاموية فولى علي بن عيسى رافع بن الليث بن يسار حفيد نصر بن يسار القائد الاموي سنة 189 هجري . وتوجس الرشيد من عودة سلطان الامويين فكان ارسال هرثمة مقدمة لحملة اعدها هارون لعزل رافع بن الليث . غير ان رافع سارع الى الاستنصار بالترك القريبين من هذه البلاد بعد ان كانوا قد ركنوا الى الهدوء من ايام المهدي اثر دخولهم الاسلام ، وقام رافع بقتل عامل هارون على سمرقند عام 190 هجري واستولى على عدة مدن واصبح السيد المطلق في هذه البلاد . غير ان هرثمة بعد هجومه على علي بن عيسى تمكن من الهجوم على بخارى فدخلها واسر اميرها الذي كان اخ رافع وارسله الى هارون الذي قتله. يتبع