رغم أن الخوف من التراجع في نتائج الانتخابات القادمة مقارنة بانتخابات 2011 و 2014 شعرت به كل الأحزاب إلا أن حركة النهضة بدت مؤخرا الأكثر تخوفا بالنظر إلى عدة اعتبارات. تونس الشروق: تحدث مؤخرا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بلهجة حادة منتقدا عمليات سبر الآراء التي أعلنت تراجع الحركة من حيث نوايا التصويت. وبقطع النظر عن دقة نتائج سبر الآراء من عدمها، إلا أن هذا التصريح الغاضب من الغنوشي اعتبره مراقبون مؤشرا على ان مسالة تراجع نوايا التصويت تحولت إلى أمر مُقلق للنهضة التي لم تُبد في السابق أية مواقف أو ملاحظات تجاه عمليات سبر الآراء. وبقطع النظر عن نتائج سبر الآراء، يتحدث المراقبون عن أسباب أخرى قد تكون وراء شعور النهضة بالخوف والقلق من امكانية التراجع في الانتخابات القادمة وهي أسباب بدأت في التراكم منذ الانتخابات البلدية العام الماضي. خزان انتخابي منذ 2011، شهد عدد المُصوتين لفائدة النهضة في تشريعية 2014 وبلديات 2018 منحى تنازليا . ورغم أن هذا التراجع شمل كل الأحزاب بسبب عزوف الناخبين إلا أنه لفت الانتباه داخل حركة النهضة. فمن مليون ونصف صوت حصلت عليها النهضة في انتخابات التاسيسي سنة 2011 إلى 950 ألف صوت في تشريعية 2014 إلى 400 ألف صوت في بلديات 2014. فرغم أن النهضة تتحوز على خزان انتخابي محترم ومنضبط مقارنة ببقية الأحزاب، إلا أنها تخشى أن يتواصل هذا المنحى التنازلي في عدد المصوتين لفائدتها بمناسبة تشريعية 2019، وهو احد أبرز اسباب مخاوفها بالنسبة للانتخابات القادمة. مليون ناخب جديد من المنتظر ان يتجاوز عدد المُسجّلين الجُدد في السّجل الانتخابي مليون ناخب. هذا الرقم الجديد تحوم حوله تساؤلات عديدة لا سيما في ما يتعلق بانتماءاته السياسية. ورغم أنه من الطبيعي أن يكون للنهضة نصيب من هذا الرقم، إلا أنه سيبقى محدُودا مقارنة بالنصيب الذي سيؤول لبقية الألوان السياسية الاخرى. وهو ما من شأنه أن يخلق تقدما للحزب أو الاحزاب التي سيُصوت لفائدتها هؤلاء المُسجلون الجدد على حساب النهضة، وقد يكون لذلك وقع كبير خصوصا في صورة وجود تحالف انتخابي يستقطبهم. وهذا المعطى يثير بدوره مخاوف النهضة من التراجع في الانتخابات القادمة. تحالف الوسط يدور منذ مدّة الحديث حول امكانية حصول تقارب سياسي في الفترة القادمة بين المُكوّنات الحزبية الوسطية البارزة اليوم على الساحة السياسية على غرار مشروع تونس والبديل وتحيا تونس و ونداء تونس وآفاق تونس والدستوري الحر وغيرها.. هذا التقارب في صورة حصوله قد يتبعُه تحالف انتخابي في التشريعية له القدرة على تحقيق تقدم كبير في عدد الاصوات أمام النهضة. وهو ما قد تكون له تأثيرات في ما بعد على مستوى تشكيل الحكومة والمشاركة في الحكم بالنسبة للنهضة. وهذه الفرضية هي أيضا من الأسباب المثيرة لقلق النهضة وتجعل من التراجع كابوسا مُخيفا لها. مشاركة اتحاد الشغل أعلن الاتحاد العام التونسي للشّغل منذ مُدّة استعداده للمشاركة في الانتخابات القادمة لكن ليس بشكل مباشر بل عبر امكانية دعوة منظوريه إلى دعم طرف أو أطراف معينة سواء في التشريعية او في الرئاسية، كما دعا الى التسجيل بكثافة في السجل الانتخابي. هذه المشاركة من الاتحاد وان كانت غير مباشرة تبدو ايضا من العوامل المثيرة لمخاوف النهضة من امكانية التراجع في نتائج الانتخابات القادمة. فالاتحاد ومنظوروه لا يمكن ان يدعموا النهضة، وذلك لاعتبارات فكرية وتاريخية، بل سيكون دعمهم موجها لأطراف يسارية أو لأطراف مستقلة لكنها قريبة من الاتحاد. وبالتالي فان مشاركة الاتحاد ستؤدي حتما إلى الزيادة في عدد الاصوات التي ستُمنح لأحد أو بعض منافسي النهضة، خاصة في ظل الارتفاع المتوقع لعدد الناخبين المحسوبين على الاتحاد وهم أساسا منظوريه بكامل أنحاء الجمهورية. وبما أنها المرة الاولى التي يشارك فيها الاتحاد في الانتخابات، فان هذه المشاركة تُعدّ أيضا من العوامل المثيرة لقلق ومخاوف النهضة من كابوس التراجع. أهم أسباب تخوّف النّهضة من تراجع عدد أصواتها في انتخابات 2019 امكانية تكرر العزوف العام عن التصويت يوم الانتخابات بما في ذلك عزوف النهضويين. - استقطاب منافسيها لنصيب وافر من المليون ناخب المسجلين حديثا. - تحالف الاحزاب الوسطية واستقطابها القسط الاوفر من الناخبين والتحالف في ما بينها في ما بعد في الحكم واستبعادها من التحالف. - مشاركة اتحاد الشغل وتصويت منظوريه لفائدة أطراف أخرى ما سيخلق تقدما على النهضة من حيث النتائج النهائية.