ورد في الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى قال : «ما تقرب إلى عبد بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي به يسمع، وبصره الذي به يبصر، ويده التي بها يبطش، ورِجله التي بها يمشي، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن؛ يكره الموت وأنا أكره مساءته» [أخرجه البخاري]. فانظر إلى ما تنتجه محبة الله، فثابِرْ على أداء ما يصحُّ به وجود هذه المحبة الإلهية، ولا يصح نفل إلا بعد تكملة الفرض، وفي النفل عينِه فروض ونوافلُ، فبما فيه من الفروض تكمل الفرائض. ورد في «الصحيح» أنه يقول تعالى: «انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئاً، قال: انظروا هل لعبدي من تطوُّع؟ فإن كان له تطوعٌ قال الله: أكمِلوا لعبدي فريضته من تطوعه». [أخرجه أبو داود وأحمد]. ثم تؤخذ الأعمال على ذلكم، وليست النوافل إلا ما لها أصلٌ في الفرائض، وما لا أصل له في فرضٍ فذلك إنشاء عبادة مستقلة يسميها علماءُ الرسوم «بدعة»؛ قال الله تعالى: {ورَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها} [الحديد: 27]، وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم «سنة حسنة»، والذي سنها له أجرُها وأجرُ من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً. ولما لم يكن في قوة النفل أن يسدّ مسدّ الفرض جعل في نفس النفل فروضاً؛ لتُجبر الفرائضُ بالفرائض كصلاة النافلة بحكم الأصل، ثم إنها تشتمل على فرائضَ من ذِكرٍ وركوع وسجود مع كونها في الأصل نافلة، وهذه الأقوال والأفعال فرائضُ فيها.